بما لا يتعداه ومخاطبه ولا يقف عليه غيرهما وهذه الأسماء الحسنى قد أوردت وبينت في مواضع كثيرة من كلامه تعالى تصريحا وتلويحا وإجمالا وتفصيلا ولا يبقى مع ذلك فائدة في الإشارة إلى كل منها بحرف مأخوذ منه رمزا إليه.
فالوجه ـ على تقدير صحة الرواية ـ أن يحمل على كون هذه الأحرف دالة على هذه المعاني دلالة غير وضعية فتكون رموزا إليها مستورة عنا مجهولة لنا دالة على مراتب من هذه المعاني هي أدق وأرقى وأرفع من أفهامنا ، ويؤيد ذلك بعض التأييد تفسيره الحرف الواحد كالميم في المواضع المختلفة بمعان مختلفة ، وكذا ما ورد أنها من حروف اسم الله الأعظم.
وقوله : « وأما ( ق ) فهو الجبل المحيط بالأرض وخضرة السماء منه » إلخ وروى قريبا منه القمي في تفسيره ، وهو مروي بعدة من طرق أهل السنة عن ابن عباس وغيره ، ولفظ بعضها جبل من زمرد محيط بالدنيا على كنفي (١) السماء ، وفي بعضها أنه جبل محيط بالبحر المحيط بالأرض والسماء الدنيا مترفرفة عليها وأن هناك سبع أرضين وسبعة أبحر وسبعة أجبل وسبع سماوات.
وفي بعض ما عن ابن عباس: خلق الله جبلا يقال له : ق محيط بالعالم ـ وعروقه إلى الصخرة التي عليها الأرض ـ فإذا أراد الله أن يزلزل قرية ـ أمر ذلك الجبل فحرك العرق الذي يلي تلك القرية ـ فيزلزلها ويحركها فمن ثم تحرك القرية دون القرية.
والروايات بظاهرها أشبه بالإسرائيليات ، ولو لا قوله : « وبه يمسك الله الأرض أن تميد بأهلها » لأمكن حمل قوله : « وأما ( ق ) فهو الجبل المحيط بالدنيا وخضرة السماء منه » على إرادة الهواء المحيط بالأرض بضرب من التأويل.
وأما قوله : إن طه ويس من أسماء النبي صلىاللهعليهوآله بالمعنى الذي فسره به فينبغي أن يحمل أيضا على ما قدمناه به ويفسر الروايات الكثيرة الواردة من طرق العامة والخاصة في أن طه ويس من أسماء النبي صلىاللهعليهوآله.
وأما قوله في ن إنه نهر صيره الله مدادا كتب به القلم بأمره على اللوح ما كان وما يكون
__________________
(١) الكنف بفتحتين الجانب وكنفا السماء جانباه.