لا يملكون لعبادهم شيئا قال تعالى : « قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً » المائدة : ٧٦.
بل هي صفة مضافة إلى صفة مذكورة لتكون توطئة وتمهيدا لما سيذكره في الآية التالية من عداوتهم لهم وكفرهم بعبادتهم يوم القيامة فهم في الدنيا غافلون عن دعائهم وسيطلعون عليه يوم القيامة فيعادونهم ويكفرون بعبادتهم.
وفي الآية دلالة على سراية الحياة والشعور في الأشياء حتى الجمادات فإن الأصنام من الجماد وقد نسب إليها الغفلة والغفلة من شئون ذوي الشعور لا تطلق إلا على ما من شأن موصوفه أن يشعر.
قوله تعالى : « وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ » الحشر إخراج الشيء من مقره بإزعاج ، والمراد بعث الناس من قبورهم وسوقهم إلى المحشر يوم القيامة فيومئذ يعاديهم آلهتهم ويكفرون بشرك عبادهم بالتبري منهم كما قال تعالى : « وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ » فاطر : ١٤ ، وقال حكاية عنهم : « تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ » القصص : ٦٣ ، وقال : « فَكَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ » يونس : ٢٩.
وفي سياق الآيتين تلويح إلى أن هذه الجمادات التي لا تظهر لنا في هذه النشأة أن لها حياة لعدم ظهور آثارها سيظهر في النشأة الآخرة أن لها حياة وتظهر آثارها وقد تقدم بعض الكلام في هذا المعنى في ذيل قوله تعالى : « قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ » الم السجدة : ٢١.
قوله تعالى : « وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ » الآية والتي بعدها مسوقتان للتوبيخ ، والمراد بالآيات البينات آيات القرآن تتلى عليهم ، ثم بدلها من الحق الذي جاءهم حيث قال : « لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ » ـ وكان مقتضى الظاهر أن يقال : « لها » للدلالة على أنها حق جاءهم لا مسوغ لرميها بأنها سحر مبين وهم يعلمون أنها حق مبين فهم متحكمون مكابرون للحق الصريح.
قوله تعالى : « أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً » إلخ ، « أَمْ » منقطعة أي بل يقولون افترى القرآن على الله في دعواه أنه كلامه.