وقوله : « أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ » أروني بمعنى أخبروني و « ما » اسم استفهام و « ذا » بعده زائدة والمجموع مفعول « خَلَقُوا » ومن الأرض متعلق به.
وقوله : « أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ » أي شركة في خلق السماوات فإن خلق شيء من السماوات والأرض هو المسئول عنه.
توضيح ذلك أنهم وإن لم ينسبوا إليها إلا تدبير الكون وخصوا الخلق به سبحانه كما قال تعالى : « وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ » الزمر : ٣٨ ، وقال : « وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ » الزخرف : ٨٧ ، لكن لما كان الخلق لا ينفك عن التدبير أوجب ذلك أن يكون لمن له سهم من التدبير سهم في الخلق ولذلك أمر تعالى نبيه صلىاللهعليهوآله أن يسألهم عما لأربابهم الذين يدعون من دون الله من النصيب في خلق الأرض أو في خلق السماوات فلا معنى للتدبير في الكون من غير خلق.
وقوله : « ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ » الإشارة بهذا إلى القرآن ، والمراد بكتاب من قبل القرآن كتاب سماوي كالتوراة نازل من عند الله يذكر شركة آلهتهم في خلق السماوات أو الأرض.
والأثارة على ما ذكره الراغب مصدر بمعنى النقل والرواية قال : وأثرت العلم رويته آثره أثرا وأثارة وأثرة وأصله تتبعت أثره انتهى. وعليه فالأثارة في الآية مصدر بمعنى المفعول أي شيء منقول من علم يثبت أن لآلهتهم شركة في شيء من السماوات والأرض ، وفسره غالب المفسرين بمعنى البقية وهو قريب مما تقدم.
والمعنى : ائتوني للدلالة على شركهم لله في خلق شيء من الأرض أو في خلق السماوات بكتاب سماوي من قبل القرآن يذكر ذلك أو بشيء منقول من علم أو بقية من علم أورثتموها يثبت ذلك إن كنتم صادقين في دعواكم أنهم شركاء لله سبحانه.
قوله تعالى : « وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ » إلخ ، الاستفهام إنكاري ، وتحديد عدم استجابتهم الدعوة بيوم القيامة لما أن يوم القيامة أجل مسمى للدنيا والدعوة مقصورة في الدنيا ولا دنيا بعد قيام الساعة.
وقوله : « وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ » صفة أخرى من صفات آلهتهم مضافة إلى صفة عدم استجابتهم وليس تعليلا لعدم الاستجابة فإن عدم استجابتهم معلول كونهم