ولا ملزم به بل له أن لا يفعل ، وهذا المعنى يتم بمجرد أن لا يجعلهم متفرقين فريقين بل أمة واحدة كيفما كانوا ، وأما كونهم فرقة واحدة مؤمنة بالخصوص فلا مقتضى له هناك.
وأما ما استدل به من الآيتين فسياقهما غير سياق الآية المبحوث عنها ، والمراد بهما غير الإيمان القسري الذي ذكره وقد تقدم البحث عنهما في الكتاب.
وقيل : إن الأنسب للسياق هو اتحادهم في الكفر بأن يراد جعلهم أمة واحدة كافرة كما في قوله : « كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ » البقرة : ٢١٣ فالمعنى : ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة متفقة على الكفر بأن لا يرسل إليهم رسولا ينذرهم فيبقوا على ما هم عليه من الكفر ولكن يدخل من يشاء في رحمته أي شأنه ذلك فيرسل إلى الكل من ينذرهم فيتأثر به من تأثر فيوفقهم الله للإيمان والطاعات في الدنيا ويدخلهم في رحمته في الآخرة ، ولا يتأثر به الآخرون وهم الظالمون فيعيشون في الدنيا كافرين ويصيرون في الآخرة إلى السعير من غير ولي ولا نصير.
وفيه أولا : أن المراد من كون الناس أمة واحدة في الآية المقيس عليها ليس هو اتفاقهم على الكفر بل عدم اختلافهم في الأمور الراجعة إلى المعاش كما تقدم في تفسير الآية ، ولو سلم ذلك أدى إلى التنافي البين بين المقيسة والمقيس عليها لدلالة المقيسة على التفرق وعدم الاتحاد دلالة المقيس عليها على ثبوت الاتحاد وعدم التفرق.
ولو أجيب عنه بأن المقيس عليها تدل على كون الناس أمة واحدة بحسب الطبع دون الفعلية فلا تنافي بين الآيتين ، رد بمنافاته لما دل من الآيات على كون الإنسان مؤمنا بحسب الفطرة الأصلية كقوله تعالى : « وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها » الشمس : ٨.
وثانيا : أن فيه إخراجا لقوله : « وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ » عن المقابلة مع قوله : « وَالظَّالِمُونَ » إلخ من غير دليل ، ثم تكلف تقدير ما يفيد معناه ليحفظ به ما يقيده الكلام من المقابلة.
قوله تعالى : « أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُ ـ إلى قوله ـ فَحُكْمُهُ إِلَى