فلو أنهم حين عزم الأمر صدقوا الله فيما قالوا وأطاعوه فيما يأمر به ومنه أمر القتال لكان خيرا لهم.
ويحتمل أن يكون قوله : « طاعَةٌ » إلخ ، خبرا لضمير عائد إلى القتال المذكور والتقدير القتال المذكور في السورة طاعة منهم وقول معروف فلو أنهم حين عزم الأمر صدقوا الله في إيمانهم وأطاعوه به لكان خيرا لهم. أما كونه طاعة منهم فظاهر ، وأما كونه قولا معروفا فلأن إيجاب القتال والأمر بالدفاع عن المجتمع الصالح لإبطال كيد أعدائه قول معروف يعرفه العقل والعقلاء.
وقيل : إن قوله : « طاعَةٌ » إلخ ، مبتدأ الخبر والتقدير طاعة وقول معروف خير لهم وأمثل ، وقيل : مبتدأ خبره « فَأَوْلى لَهُمْ » في الآية السابقة فالآية من تمام الآية السابقة ، وهو قول ردي ، وأردأ منه ما قيل : إن « طاعَةٌ » إلخ ، صفة لسورة في قوله : « فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ » وقيل غير ذلك.
قوله تعالى : « فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ » الخطاب للذين في قلوبهم مرض المتثاقلين في أمر الجهاد في سبيل الله ، وقد التفت إليهم بالخطاب لزيادة التوبيخ والتقريع ، والاستفهام للتقرير ، والتولي الإعراض والمراد به الإعراض عن كتاب الله والعمل بما فيه والعود إلى الشرك ورفض الدين.
والمعنى : فهل يتوقع منكم أن أعرضتم عن كتاب الله والعمل بما فيه ومنه الجهاد في سبيل الله أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم بسفك الدماء ونهب الأموال وهتك الأعراض تكالبا على جيفة الدنيا أي إن توليتم كان المتوقع منكم ذلك.
وقد ظهر بذلك أن الآية في مقام التعليل لقوله في الآية السابقة : « لَكانَ خَيْراً لَهُمْ » ولذا صدر بالفاء.
وقيل : المراد بالتولي التصدي للحكم والولاية ، والمعنى : هل يتوقع منكم إن جعلتم ولاة أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم بسفك الدماء الحرام وأخذ الرشاء والجور في الحكم هذا ، وهو معنى بعيد عن السياق.
قوله تعالى : « أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ » الإشارة إلى المفسدين في الأرض المقطعين للأرحام وقد وصفهم الله بأنه لعنهم فأصمهم وأذهب