يكن مطموعا فيه متوقعا منهم فسألوا النبي صلىاللهعليهوآله أن يصالحهم على ترك القتال عشر سنين ، وعلى تأمين كل من القبيلين أتباع الآخر ومن لحق به ، وعلى أن يرجع النبي صلىاللهعليهوآله إلى المدينة عامة هذا ثم يقدم إلى مكة العام القابل فيخلوا له المسجد والكعبة ثلاثة أيام.
وهذا من أوضح الفتح رزقه الله نبيه صلىاللهعليهوآله وكان من أمس الأسباب بفتح مكة سنة ثمان من الهجرة فقد آمن جمع كثير من المشركين في السنتين بين الصلح وفتح مكة ، وفتح في أوائل سنة سبع خيبر وما والاه وقوي به المسلمون واتسع الإسلام اتساعا بينا وكثر جمعهم وانتشر صيتهم وأشغلوا بلادا كثيرة ، وخرج النبي صلىاللهعليهوآله لفتح مكة في عشرة آلاف أو في اثني عشر ألفا ، وقد كان خرج إلى حديبية في ألف وأربعمائة على ما تفصله الآثار.
وقيل : المراد بالفتح فتح مكة فالمراد بقوله : « إِنَّا فَتَحْنا لَكَ » إنا قضينا لك فتح مكة ، وفيه أن القرائن لا تساعده.
وقيل : المراد به فتح خيبر ، ومعناه ـ على تقدير نزول السورة عند مرجع النبي صلىاللهعليهوآله من الحديبية إلى المدينة ـ أنا قضينا لك فتح خيبر ، وحال هذا القول أيضا كسابقه.
وقيل : المراد به الفتح المعنوي وهو الظفر على الأعداء بالحجج البينة والمعجزات الباهرة التي غلب بها كلمة الحق على الباطل وظهر الإسلام على الدين كله ، وهذا الوجه وإن كان في نفسه لا بأس به لكن سياق الآيات لا يلائمه.
قوله تعالى : « لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً » اللام في قوله : « لِيَغْفِرَ » للتعليل على ما هو ظاهر اللفظ فظاهره أن الغرض من هذا الفتح المبين هو مغفرة ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، ومن المعلوم أن لا رابطة بين الفتح وبين مغفرة الذنب ولا معنى معقولا لتعليله بالمغفرة.
وقول بعضهم فرارا عن الإشكال : أن اللام المكسورة في « لِيَغْفِرَ » لام القسم والأصل ليغفرن حذفت نون التوكيد وبقي ما قبلها مفتوحا للدلالة على المحذوف غلط لا شاهد عليه من الاستعمال.