فمن ذلك : أن المراد بذنبه صلىاللهعليهوآله ما صدر عنه من المعصية ، والمراد بما تقدم منه وما تأخر ما صدر عنه قبل النبوة وبعدها ، وقيل : ما صدر قبل الفتح وما صدر بعده.
وفيه أنه مبني على جواز صدور المعصية عن الأنبياء عليهمالسلام وهو خلاف ما يقطع به الكتاب والسنة والعقل من عصمتهم عليهالسلام وقد تقدم البحث عنه في الجزء الثاني من الكتاب وغيره.
على أن إشكال عدم الارتباط بين الفتح والمغفرة على حاله.
ومن ذلك : أن المراد بمغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر مغفرة ما وقع من معصيته وما لم يقع بمعنى الوعد بمغفرة ما سيقع منه إذا وقع لئلا يرد الإشكال بأن مغفرة ما لم يتحقق من المعصية لا معنى له.
وفيه مضافا إلى ورود ما ورد على سابقه عليه أن مغفرة ما سيقع من المعصية قبل وقوعه تلازم ارتفاع التكاليف عنه صلىاللهعليهوآله عامة ، ويدفعه نص كلامه تعالى في آيات كثيرة كقوله تعالى : « إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ » الزمر : ٢ ، وقوله : « وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ » الزمر : ١٢ ، إلى غير ذلك من الآيات التي تأبى بسياقها التخصيص.
على أن من الذنوب والمعاصي مثل الشرك بالله وافتراء الكذب على الله والاستهزاء بآيات الله والإفساد في الأرض وهتك المحارم ، وإطلاق مغفرة الذنوب يشملها ولا معنى لأن يبعث الله عبدا من عباده فيأمره أن يقيم دينه على ساق ويصلح به الأرض فإذا فتح له ونصره وأظهره على ما يريد يجيز له مخالفة ما أمره وهدم ما بناه وإفساد ما أصلحه بمغفرة كل مخالفة ومعصية منه والعفو عن كل ما تقوله وافتراه على الله ، وفعله تبليغ كقوله ، وقد قال تعالى : « وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ » الحاقة : ٤٦.
ومن ذلك : قول بعضهم : إن المراد بمغفرة ما تقدم من ذنبه مغفرة ما تقدم من ذنب أبويه آدم وحواء عليهالسلام ببركته صلىاللهعليهوآله والمراد بمغفرة ما تأخر منه مغفرة ذنوب أمته بدعائه.
وفيه ورود ما ورد على ما تقدم عليه.