والمؤمنين بما رزق من الفتح وإنزال السكينة والنصر وسائر ما وعدهم فيها فناسب أن يكون السياق الجاري في السورة سياق الغيبة ويذكر تعالى فيها باسمه وينسب إليه النصر بما يعبده نبيه والمؤمنون وحده قبال ما لا يعبده المشركون وإنما يعبدون آلهة من دونه طمعا في نصرهم ولا ينصرونهم.
وأما سياق التكلم مع الغير المشعر بالعظمة في الآية الأولى فلمناسبته ذكر الفتح فيها ويجري الكلام في قوله تعالى الآتي : « إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً » الآية.
وقوله : « وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ » قيل : أي يتمها عليك في الدنيا بإظهارك على عدوك وإعلاء أمرك وتمكين دينك ، وفي الآخرة برفع درجتك ، وقيل : أي يتمها عليك بفتح خيبر ومكة والطائف.
وقوله : « وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً » قيل : أي ويثبتك على صراط يؤدي بسالكه إلى الجنة ، وقيل : أي ويهديك إلى مستقيم الصراط في تبليغ الأحكام وإجراء الحدود.
وقوله : « وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً » قيل : النصر العزيز هو ما يمتنع به من كل جبار عنيد وعات مريد ، وقد فعل بنبيه صلىاللهعليهوآله ذلك إذ جعل دينه أعز الأديان وسلطانه أعظم السلطان ، وقيل : المراد بالنصر العزيز ما هو نادر الوجود قليل النظير أو عديمه ونصره تعالى لنبيه صلىاللهعليهوآله كذلك كما يظهر بقياس حاله في أول بعثته إلى حاله في آخر أيام دعوته.
والتدبر في سياق الآيتين بالبناء على ما تقدم من معنى قوله : « إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ » يعطي أن يكون المراد بقوله : « وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ » هو تمهيده تعالى له صلىاللهعليهوآله لتمام الكلمة وتصفيته الجو لنصره نصرا عزيزا بعد رفع الموانع بمغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
وبقوله : « وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً » هدايته صلىاللهعليهوآله بعد تصفية الجو له إلى الطريق الموصل إلى الغاية الذي سلكه بعد الرجوع من الحديبية من فتح خيبر وبسط سلطة الدين في أقطار الجزيرة حتى انتهى إلى فتح مكة والطائف.
وبقوله : « وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً » نصره له صلىاللهعليهوآله ذاك النصر الظاهر الباهر