وسيجيء قول الصادق عليهالسلام : المؤمن أخو المؤمن ، عينه ودليله ، لا يخونه ، ولا يظلمه ولا يغشه ، ولا يعده عدة فيخلفه.
وقد خفي هذا المعنى على بعض المفسرين فأخذ إطلاق الإخوة في كلامه تعالى على المؤمنين إطلاقا مجازيا من باب الاستعارة بتشبيه الاشتراك في الإيمان بالمشاركة في أصل التوالد لأن كلا منهما أصل للبقاء إذ التوالد منشأ الحياة ، والإيمان منشأ البقاء الأبدي في الجنان ، وقيل : هو من باب التشبيه البليغ من حيث انتسابهم إلى أصل واحد هو الإيمان الموجب للبقاء الأبدي.
بحث روائي
في المجمع في قوله تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا » روى زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال : ما سلت السيوف ، ولا أقيمت الصفوف في صلاة ولا زحوف ، ولا جهر بأذان ، ولا أنزل الله : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا » حتى أسلم أبناء قبيلة الأوس والخزرج.
أقول : وعن ابن عباس أيضا: ما نزل ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلا بالمدينة ، ولا « يا أَيُّهَا النَّاسُ » إلا بمكة
الخبر. وتوقف بعضهم في عموم ذيله ، واعلم أن هناك روايات في الدر المنثور ، وتفسير القمي ، في سبب نزول قوله : « لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ » الآية لا تنطبق على الآية ذاك الانطباق تركناها من أراد الوقوف عليها فليراجعهما.
وفي الدر المنثور ، أخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو يعلى والبغوي في معجم الصحابة ، وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل ، عن أنس قال : لما نزلت « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ـ لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ ـ إلى قوله ـ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ » وكان ثابت بن قيس بن شماس رفيع الصوت ـ فقال : أنا الذي كنت أرفع صوتي على رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ حبط عملي أنا من أهل النار ، وجلس في بيته حزينا.
ففقده رسول الله صلىاللهعليهوآله فانطلق بعض القوم إليه ـ فقالوا له : فقدك رسول الله صلىاللهعليهوآله ما لك؟ قال : أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي صلىاللهعليهوآله ـ وأجهر له بالقول حبط عملي وأنا من أهل النار ، فأتوا النبي صلىاللهعليهوآله فأخبروه بذلك ـ فقال : لا بل هو من أهل الجنة. فلما كان يوم اليمامة قتل.