الكتاب أي فلأجل أنه شرع لكم جميع ما شرع لمن قبلكم فادع ولأجل ما ذكر من تفرق بعضهم بغيا وارتياب آخرين فاستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم.
واللام في قوله : « فَلِذلِكَ » للتعليل ، وقيل : اللام بمعنى إلى أي إلى ما شرع لكم من الدين فادع واستقم كما أمرت ، والاستقامة ـ كما ذكره الراغب ـ لزوم المنهاج المستقيم ، وقوله : « وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ » كالمفسر له.
وقوله : « وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ » تسوية بين الكتب السماوية من حيث تصديقها والإيمان بها وهي الكتب المنزلة من عند الله المشتملة على الشرائع.
وقوله : « وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ » قيل : اللام زائدة للتأكيد نظير قوله : « وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ » الأنعام : ٧١ ، والمعنى : وأمرت أن أعدل بينكم أي أسوي بينكم فلا أقدم قويا على ضعيف ولا غنيا على فقير ولا كبيرا على صغير ، ولا أفضل أبيض على أسود ولا عربيا على عجمي ولا هاشميا أو قرشيا على غيره فالدعوة متوجهة إلى الجميع ، والناس قبال الشرع الإلهي سواء.
فقوله : « آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ » تسوية بين الكتب المنزلة من حيث الإيمان بها ، وقوله : « وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ » تسوية بين الناس من حيث الدعوة وتوجه ما جاء به من الشرع.
وقيل : اللام في « لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ » للتعليل ، والمعنى : وأمرت بما أمرت لأجل أن أعدل بينكم ، وكذا قيل : المراد بالعدل العدل في الحكم ، وقيل : العدل في القضاء بينكم ، وقيل غير ذلك ، وهذه معان بعيدة لا يساعد عليها السياق.
وقوله : « اللهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ » إلخ ، في مقام التعليل لما ذكر من التسوية بين الكتب والشرائع في الإيمان بها وبين الناس في دعوتهم وشمول الأحكام لهم ، ولذا جيء في الكلام بالفصل من غير عطف.
فقوله : « اللهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ » يشير إلى أن رب الكل هو الله الواحد تعالى فليس لهم أرباب كثيرون حتى يلحق كل بربه ويتفاضلوا بالأرباب ويقتصر كل منهم بالإيمان بشريعة ربه بل الله هو رب الجميع وهم جميعا عباده المملوكون له المدبرون بأمره والشرائع المنزلة على الأنبياء من عنده فلا موجب للإيمان ببعضها دون بعض كما يؤمن