إليه قوله : « كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ » البقرة : ٢١٣ كما تقدم في تفسير الآية.
وقوله : « وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ » المراد بالكلمة مثل قوله : حين إهباط آدم عليهالسلام إلى الأرض : « وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ » البقرة : ٣٦.
والمعنى : ولو لا أن الله قضى فيهم الاستقرار والتمتع في الأرض إلى أجل سماه وعينه لقضي بينهم إثر تفرقهم في دينه وانحرافهم عن سبيله فأهلكهم باستدعاء من هذا الذنب العظيم.
وقول القائل : إن الله قد قضى وأهلك كما يقصه في قصص نوح وهود وصالح عليهالسلام وقد قال تعالى : « وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ » يونس : ٤٧.
مدفوع بأن ما قصه تعالى من القضاء والإهلاك إنما هو في أمم الأنبياء في زمانهم من المكذبين بين الرادين عليهم وما نحن فيه من قوله : « وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ » الآية في أممهم بعدهم وهو واضح من السياق.
وقوله : « وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ » ضمير « مِنْ بَعْدِهِمْ » لأولئك الذين تفرقوا من بعد علم بغيا بينهم وهم الأسلاف ، والذين أورثوا الكتاب من بعدهم أخلافهم فمفاد الآية أن البادئين بالاختلاف المؤسسين للتفرقة كانوا على علم من الحق وإنما أبدعوا ما أبدعوا ، بغيا بينهم ، وأخلافهم الذين أورثوا الكتاب من بعدهم في شك مريب ـ موقع في الريب ـ منه.
وما أوردناه في معنى الآية هو الذي يعطيه السياق ، ولهم في تفسيرها أقاويل كثيرة لا جدوى في إسقاطها فليرجع في الوقوف عليها إلى كتبهم.
قوله تعالى : « فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ » إلى آخر الآية. تفريع على ما ذكر من شرع دين واحد لجميع الأنبياء وأممهم ثم انقسام أممهم إلى أسلاف اختلفوا في الدين عن علم بغيا ، وإلى أخلاف شاكين مرتابين فيما أورثوه من