الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ » الشعراء : ٢٧ ، وقال أخرى : هو ساحر كقوله : « إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ » الشعراء : ٣٤.
قوله تعالى : « فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ » النبذ طرح الشيء من غير أن يعتد به ، واليم البحر ، والمليم الآتي بما يلام عليه من ألام بمعنى أتى بما يلام عليه كأغرب إذا أتى بأمر غريب.
والمعنى : فأخذناه وجنوده وهم ركنه وطرحناهم في البحر والحال أنه أتى من الكفر والجحود والطغيان بما يلام عليه ، وإنما خص فرعون بالملامة مع أن الجميع يشاركونه فيها لأنه إمامهم الذي قادهم إلى الهلاك ، قال تعالى : « يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ » هود : ٩٨.
وفي الكلام من الإيماء إلى عظمة القدرة وهول الأخذ وهو أن أمر فرعون وجنوده ما لا يخفى.
قوله تعالى : « وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ » عطف على ما تقدمه أي وفي عاد أيضا آية إذ أرسلنا عليهم أي أطلقنا عليهم الريح العقيم.
والريح العقيم هي الريح التي عقمت وامتنعت من أن يأتي بفائدة مطلوبة من فوائد الرياح كتنشئة سحاب أو تلقيح شجر أو تذرية طعام أو نفع حيوان أو تصفية هواء كما قيل وإنما أثرها الإهلاك كما تشير إليه الآية التالية.
قوله تعالى : « ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ » « ما تَذَرُ » أي ما تترك » ، والرميم الشيء الهالك البالي كالعظم البالي السحيق ، والمعنى ظاهر.
قوله تعالى : « وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ ـ إلى قوله ـ مُنْتَصِرِينَ » عطف على ما تقدمه أي وفي ثمود أيضا آية إذ قيل لهم : تمتعوا حتى حين ، والقائل نبيهم صالح عليهالسلام إذ قال لهم : « تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ » هود : ٦٥ قال لهم ذلك لما عقروا الناقة فأمهلهم ثلاثة أيام ليرجعوا فيها عن كفرهم وعتوهم لكن لم ينفعهم ذلك وحق عليهم كلمة العذاب.
وقوله : « فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ » العتو ـ على ما ذكره الراغب ـ النبوء عن الطاعة فينطبق على التمرد ، والمراد بهذا العتو العتو عن