الأمر والرجوع إلى الله أيام المهلة فلا يستشكل بأن عتوهم عن أمر الله كان مقدما على تمتعهم ـ كما يظهر من تفصيل القصة ـ والآية تدل على العكس.
وقوله : « فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ » هذا لا ينافي ما في موضع آخر من ذكر الصيحة بدل الصاعقة كقوله : « وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ » هود : ٦٧ لجواز تحققهما معا في عذابهم.
وقوله : « فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ » لا يبعد أن يكون « اسْتَطاعُوا » مضمنا معنى تمكنوا ، و « مِنْ قِيامٍ » مفعوله أي ما تمكنوا من قيام من مجلسهم ليفروا من عذاب الله وهو كناية عن أنهم لم يمهلوا حتى بمقدار أن يقوموا من مجلسهم.
وقوله : « وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ » عطف على « فَمَا اسْتَطاعُوا » أي ما كانوا منتصرين بنصرة غيرهم ليدفعوا بها العذاب عن أنفسهم ، ومحصل الجملتين أنهم لم يقدروا على دفع العذاب عن أنفسهم لا بأنفسهم ولا بناصر ينصرهم.
قوله تعالى : « وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ » عطف على القصص السابقة ، و « قَوْمَ نُوحٍ » منصوب بفعل محذوف والتقدير وأهلكنا قوم نوح من قبل عاد وثمود إنهم كانوا فاسقين عن أمر الله.
فهناك أمر ونهي كلف الناس بهما من قبل الله سبحانه وهو ربهم ورب كل شيء دعاهم إلى الدين الحق بلسان رسله فما جاء به الأنبياء عليهمالسلام حق من عند الله ومما جاءوا به الوعد بالبعث والجزاء.
قوله تعالى : « وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ » رجوع إلى السياق السابق في قوله : « وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ » إلخ ، والأيد القدرة والنعمة ، وعلى كل من المعنيين يتعين لقوله : « وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ » ما يناسبه من المعنى.
فالمعنى على الأول : والسماء بنيناها بقدرة لا يوصف قدرها وإنا لذووا سعة في القدرة لا يعجزها شيء ، وعلى الثاني : والسماء بنيناها مقارنا بناؤها لنعمة لا تقدر بقدر وإنا لذووا سعة وغنى لا تنفد خزائننا بالإعطاء والرزق نرزق من السماء من نشاء فنوسع الرزق كيف نشاء.