قوله تعالى : « تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ » إلخ ، الخطاب للنبي صلىاللهعليهوآله بعنوان أنه سامع فيشمل كل من من شأنه أن يرى ، والمراد بالظالمين التاركون لدين الله الذي شرعه لعباده المعرضون عن الساعة ، والمعنى : يرى الراءون هؤلاء الظالمين يوم القيامة خائفين مما كسبوا من السيئات وهو واقع بهم لا مناص لهم عنه.
والآية من الآيات الظاهرة في تجسم الأعمال ، وقيل : في الكلام مضاف محذوف والتقدير مشفقين من وبال ما كسبوا ، ولا حاجة إليه.
وقوله : « وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ » في المجمع : أن الروضة الأرض الخضرة بحسن النبات ، والجنة الأرض التي تحفها الشجر فروضات الجنات الحدائق المشجرة المخضرة متونها.
وقوله : « لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ » أي إن نظام الأسباب مطوي فيها بل السبب الوحيد هو إرادتهم وحدها يخلق الله لهم من عنده ما يشاءون ذلك هو الفضل الكبير.
وقوله : « ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ » تبشير للمؤمنين الصالحين ، وإضافة العباد تشريفية.
قوله تعالى : « قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » الذي نفي سؤال الأجر عليه هو تبليغ الرسالة والدعوة الدينية ، وقد حكى الله ذلك عن عدة ممن قبله صلىاللهعليهوآله من الرسل كنوح وهود وصالح ولوط وشعيب فيما حكي مما يخاطب كل منهم أمته : « وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ » الشعراء وغيرها.
وقد حكي عن النبي صلىاللهعليهوآله ذلك إذ قال : « وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ » يوسف : ١٠٤ ، وقد أمره صلىاللهعليهوآله أن يخاطب الناس بذلك بتعبيرات مختلفة حيث قال : « قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ » ص ٨٦ ، وقال : « قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ » سبأ : ٤٧ ، وقال : « قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ » الأنعام : ٩٠ ، فأشار إلى وجه النفي وهو أنه ذكرى للعالمين لا يختص ببعض دون بعض حتى يتخذ عليه الأجر.
وقال : « قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً »