من حيث بقائها ودوامها ، فالآية في مؤداها لا تغاير مؤدى سائر الآيات النافية لسؤال الأجر.
ويئول معناها إلى أني لا أسألكم عليه أجرا إلا أن الله لما أوجب عليكم مودة عامة المؤمنين ومن جملتهم قرابتي فإني أحتسب مودتكم لقرابتي وأعدها أجرا لرسالتي ، قال تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا » مريم : ٩٦ وقال : « وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ » التوبة : ٧١.
وبذلك يظهر فساد ما أورد على هذا الوجه أنه لا يناسب شأن النبوة لما فيه من التهمة فإن أكثر طلبة الدنيا يفعلون شيئا ويسألون عليه ما يكون فيه نفع لأولادهم وقراباتهم.
وأيضا فيه منافاة لقوله تعالى : « وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ » يوسف : ١٠٤.
وجه الفساد أن إطلاق الأجر عليها وتسميتها به إنما هو بحسب الدعوى وأما بحسب الحقيقة فلا يزيد مدلول الآية على ما يدل عليه الآيات الآخر النافية لسؤال الأجر كما عرفت وما في ذلك من النفع عائد إليهم فلا مورد للتهمة.
على أن الآية على هذا مدنية خوطب بها المسلمون وليس لهم أن يتهموا نبيهم المصون بعصمة إلهية ـ بعد الإيمان به وتصديق عصمته ـ فيما يأتيهم به من ربهم ولو جاز اتهامهم له في ذلك وكان ذلك غير مناسب لشأن النبوة لا يصلح لأن يخاطب به ، لاطرد مثل ذلك في خطابات كثيرة قرآنية كالآيات الدالة على فرض طاعته المطلقة والدالة على كون الأنفال والغنائم لله ولرسوله ، والدالة على خمس ذوي القربى ، وما أبيح له في أمر النساء وغير ذلك.
على أنه تعالى تعرض لهذه التهمة ودفعها في قوله الآتي : « أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ » الآية على ما سيأتي.
وهب أنا صرفنا الآية عن هذا المعنى بحملها على غيره دفعا لما ذكر من التهمة فما هو الدافع لها عن الأخبار التي لا تحصى كثرة الواردة من طرق الفريقين في إيجاب مودة أهل البيت عنه صلىاللهعليهوآله؟.
وأما منافاة هذا الوجه لقوله تعالى : « وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ » فقد اتضح