بطلانه مما ذكرناه ، والآية بقياس مدلولها إلى الآيات النافية لسؤال الأجر نظيره قوله تعالى : « قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً » الفرقان : ٥٧.
قال في الكشاف بعد اختياره هذا الوجه : فإن قلت : هلا قيل : إلا مودة القربى أو إلا المودة للقربى ، وما معنى قوله : إلا المودة في القربى؟
قلت : جعلوا مكانا للمودة ومقرا لها كقولك : لي في آل فلان مودة ، ولي فيهم هوى وحب شديد ، تريد أحبهم وهم مكان حبي ومحله.
قال : وليست في بصلة للمودة كاللام إذا قلت : إلا المودة للقربى. إنما هي متعلقه بمحذوف تعلق الظرف به في قولك : المال في الكيس ، وتقديره : إلا المودة ثابتة في القربى ومتمكنة فيها. انتهى.
قوله تعالى : « وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ » الاقتراف الاكتساب ، والحسنة الفعلة التي يرتضيها الله سبحانه ويثيب عليها ، وحسن العمل ملاءمته لسعادة الإنسان والغاية التي يقصدها كما أن مساءته وقبحه خلاف ذلك ، وزيادة حسنها إتمام ما نقص من جهاتها وإكماله ومن ذلك الزيادة في ثوابها كما قال تعالى : « وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ » العنكبوت : ٧ ، وقال : « لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ » النور : ٣٨.
والمعنى : ومن يكتسب حسنة نزد له في تلك الحسنة حسنا ـ برفع نقائصها وزيادة أجرها ـ إن الله غفور يمحو السيئات شكور يظهر محاسن العمل من عامله.
وقيل : المراد بالحسنة مودة قربى النبي صلىاللهعليهوآله ويؤيده ما في روايات أئمة أهل البيت عليهالسلام أن قوله : « قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً » إلى تمام أربع آيات نزلت في مودة قربى النبي صلىاللهعليهوآله ، ولازم ذلك كون الآيات مدنية وأنها ذات سياق واحد وأن المراد بالحسنة من حيث انطباقها على المورد هي المودة ، وعلى هذا فالإشارة بقوله : « أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى » إلخ ، إلى بعض ما تفوه به المنافقون تثاقلا عن قبوله وفي المؤمنين سماعون لهم ، وبقوله : « وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ » إلى آخر الآيتين إلى توبة الراجعين منهم وقبولها.