وفي قوله : « إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ » التفات من التكلم إلى الغيبة والوجه فيه الإشارة إلى علة الاتصاف بالمغفرة والشكر فإن المعنى : أن الله غفور شكور لأنه الله عز اسمه.
قوله تعالى : « أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً » إلى آخر الآية أم منقطعة ، والكلام مسوق للتوبيخ ولازمه إنكار كونه صلىاللهعليهوآله مفتريا على الله كذبا.
وقوله : « فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ » معناه على ما يعطيه السياق أنك لست مفتريا على الله كذبا فإنه ليس لك من الأمر شيء حتى تشاء الفرية فتأتي بها وإنما هو وحي من الله سبحانه من غير أن يكون لك فيه صنع والأمر إلى مشيته تعالى فإن يشأ يختم على قلبك وسد باب الوحي إليك ، لكنه شاء أن يوحي إليك ويبين الحق ، وقد جرت سنته أن يمحو الباطل ويحق الحق بكلماته.
فقوله : « فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ » كناية عن إرجاع الأمر إلى مشية الله وتنزيه لساحة النبي صلىاللهعليهوآله أن يأتي بشيء من عنده.
وهذا المعنى ـ كما سترى ـ أنسب للسياق بناء على كون المراد بالقربى قرابة النبي صلىاللهعليهوآله والتوبيخ متوجها إلى المنافقين ومرضي القلوب.
وقد ذكروا في معنى الجملة وجوها أخر :
منها : ما ذكره الزمخشري في الكشاف حيث فسر قوله : « فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ » بقوله : فإن يشإ الله يجعلك من المختوم على قلوبهم حتى تفتري عليه الكذب فإنه لا يفتري على الله الكذب إلا من كان في مثل حالهم.
وهذا الأسلوب مؤداه استبعاد الافتراء من مثله وأنه في البعد مثل الشرك بالله والدخول في جملة المختوم على قلوبهم ، ومثال هذا أن يخون بعض الأمناء فيقول : لعل الله خذلني لعل الله أعمى قلبي وهو لا يريد إثبات الخذلان وعمى القلب وإنما يريد استبعاد أن يخون مثله والتنبيه على أنه ركب من تخوينه أمر عظيم. انتهى.
ومنها ما قيل : إن المعنى لو حدثت نفسك بأن تفتري على الله الكذب لطبع