الله على قلبك ولأنساك القرآن فكيف تقدر أن تفتري على الله ، وهذا كقوله : « لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ».
ومنها ما قيل : إن معناه فإن يشإ الله يربط على قلبك بالصبر على أذاهم حتى لا يشق عليك قولهم : إنه مفتر وساحر ، وهي وجوه لا تخلو من ضعف.
ومنها ما قيل : إن المعنى فإن يشإ الله يختم على قلبك كما ختم على قلوبهم وهو تسلية للنبي صلىاللهعليهوآله ليشكر ربه على ما آتاه من النعمة.
ومنها ما قيل : إن المعنى فإن يشإ الله يختم على قلوب الكفار وعلى ألسنتهم ويعاجلهم بالعذاب ، وعدل عن الغيبة إلى الخطاب وعن الجمع إلى الإفراد ، والمراد : يختم على قلبك أيها القائل : أنه افترى على الله كذبا.
وقوله : « وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ » الإتيان بالمضارع ـ يمحو ويحق ـ للدلالة على الاستمرار ، فمحو الباطل وإحقاق الحق بالكلمات سنة جارية له تعالى والمراد بالكلمات ما ينزل على الأنبياء من الوحي الإلهي والتكليم الربوبي ويمكن أن يكون المراد نفوس الأنبياء من حيث أنها مفصحة عن الضمير الغيبي.
وقوله : « إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ » تعليل لقوله : « وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ ) إلخ أي أنه يمحو الباطل ويحق الحق بكلماته لأنه عليم بالقلوب وما انطوت عليه فيعلم ما تستدعيه من هدى أو ضلال أو شرح أو ختم بإنزال الوحي وتوجيه الدعوة.
قيل : وفي الآية إشعار بوعد النبي صلىاللهعليهوآله بالنصر ولا يخلو من وجه.
قوله تعالى : « وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ » يقال : قبل منه وقبل عنه قال في الكشاف : يقال : قبلت منه الشيء وقبلته عنه فمعنى قبلته منه أخذته منه وجعلته مبدأ قبولي ومنشأه ، ومعنى قبلته عنه عزلته وأبنته عنه. انتهى.
وفي قوله : « وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ » تحضيض على التوبة وتحذير عن اقتراف السيئات والمعنى ظاهر.
قوله تعالى : « وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ » فاعل « يَسْتَجِيبُ » ضمير راجع إليه تعالى و « الَّذِينَ آمَنُوا »