وكيف كان فالخطاب في الآية لعامة الناس من المؤمن والكافر وهو الذي يفيده السياق وتؤيده الآية التالية هذا أولا ، والمراد بما كسبته الأيدي المعاصي والسيئات دون مطلق الأعمال ، وهذا ثانيا ، والمصائب التي تصيب إنما هي آثار الأعمال في الدنيا لما بين الأعمال وبينها من الارتباط والتداعي دون جزاء الأعمال وهذا ثالثا.
وبما ذكر يندفع أولا ما استشكل على عموم الآية بالمصائب النازلة على الأنبياء عليهمالسلام وهم معصومون لا معصية لهم ، المصائب النازلة على الأطفال والمجانين وهم غير مكلفين بتكليف فلا معصية لهم فيجب تخصيص الآية بمصائب الأنبياء ومصائب الأطفال والمجانين.
وجه الاندفاع أن إثبات المعصية لهم في قوله : « فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ » دليل على أن الخطاب في الآية لمن يجوز عليه صدور المعصية فلا يشمل المعصومين وغير المكلفين من رأس فعدم شمول الآية لهم من باب التخصص دون التخصيص.
وثانيا ما قيل : إن مقتضى الآية مغفرة ذنوب المؤمنين جميعا فإنها بين ما يجزون عليها بإصابة المصائب وما يعفى عنها.
وجه الاندفاع أن الآية مسوقة لبيان ارتباط المصائب بالمعاصي وكون المعاصي ذوات آثار دنيوية سيئة منها ما يصيب الإنسان ولا يخطئ ومنها ما يعفى عنه فلا يصيب لأسباب صارفة وحكم مانعة كصلة الرحم والصدقة ودعاء المؤمن والتوبة وغير ذلك مما وردت به الأخبار ، وأما جزاء الأعمال فالآية غير ناظرة إليه كما تقدم.
على أن الخطاب في الآية يعم المؤمن والكافر كما تقدمت الإشارة إليه ، ولا معنى لتبعضها في الدلالة فتدل على المغفرة في المؤمن وعدمها في الكافر.
وبعد هذا كله فالوجه الأول هو الأوجه.
قوله تعالى : « وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ » ، معنى الآية ظاهر وهي باتصالها بما قبلها تفيد أنكم لا تعجزون الله حتى لا تصيبكم المصائب لذنوبكم وليس لكم من دونه من ولي يتولى أمركم فيدفع عنكم المصائب ولا نصير ينصركم ويعينكم على دفعها.
قوله تعالى : « وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ » ، الجواري جمع جارية وهي