السفينة ، والأعلام جمع علم وهو العلامة ويسمى به الجبل وشبهت السفائن بالجبال لعظمها وارتفاعها والباقي ظاهر.
قوله تعالى : « إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ » إلخ ، ضمير « يَشَأْ » لله تعالى ، وظل بمعنى صار ، و « رواكد » جمع راكدة وهي الثابتة في محلها والمعنى : إن يشأ الله يسكن الريح التي تجري بها الجواري فيصرن أي الجواري ثوابت على ظهر البحر.
وقوله : « إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ » أصل الصبر الحبس وأصل الشكر إظهار نعمة المنعم بقول أو فعل ، والمعنى : أن فيما ذكر من أمر الجواري من كونها جارية على ظهر البحر بسبب جريان الرياح ناقلة للناس وأمتعتهم من ساحل إلى ساحل لآيات لكل من حبس نفسه عن الاشتغال بما لا يعنيه واشتغل بالتفكر في نعمه والتفكر في النعمة من الشكر.
وقيل : المراد بكل صبار شكور المؤمن لأن المؤمن لا يخلو من أن يكون في الضراء أو في السراء فإن كان في الضراء كان من الصابرين وإن كان في السراء كان من الشاكرين.
قوله تعالى : « أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ » الإيباق الإهلاك ، وضمير التأنيث للجواري وضمير التذكير للناس ، ويوبقهن ويعف معطوفان على « يُسْكِنِ » ، والمعنى : إن يشأ يهلك الجواري بإغراقها بسبب ما كسبوا من السيئات ويعف عن كثير منها أي إن بعضها كاف في اقتضاء الإهلاك وإن عفا عن كثير منها.
وقيل : المراد بإهلاكها إهلاك أهلها إما مجازا أو بتقدير مضاف ، و « يُوبِقْهُنَ » بالعطف على « يُسْكِنِ » في معنى يرسل الرياح العاصفة فيوبقهم ، والمعنى : إن يشأ يسكن الريح إلخ ، وإن يشأ يرسلها فيهلكهم بالإغراق وينج كثير منهم بالعفو ، والمحصل : إن يشأ يسكن الريح أو يرسلها فيهلك ناسا بذنوبهم وينج ناسا بالعفو عنهم ولا يخفى وجه التكلف فيه.
وقيل : إن « يَعْفُ » عطف على قوله : « يُسْكِنِ الرِّيحَ » إلى قوله : « بِما كَسَبُوا » ولذا عطف بالواو لا بأو ، والمعنى : إن يشأ يعاقبهم بالإسكان أو الإعصاف وإن يشأ يعف عن كثير. وهو في التكلف كسابقه.