قوله تعالى : « وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ » قيل : هو غاية معطوفة على أخرى محذوفة ، والتقدير نحو من قولنا : ليظهر به قدرته ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من مفر ولا مخلص ، وهذا كثير الورود في القرآن الكريم غير أن المعطوف فيما ورد فيه مقارن للأم الغاية كقوله : « وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا » آل عمران : ١٤٠.
وقوله : « وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ » الأنعام : ٧٥.
وجوز بعضهم أن يكون معطوفا على جزاء الشرط بتقدير إن نحو إن جئتني أكرمك وأعطيك كذا وكذا بنصب أعطيك ، والمسألة نحوية خلافية فليرجع إلى ما ذكروه فيه.
قوله تعالى : « فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا » إلخ ، تفصيل لما تقدم ذكره من الرزق وتقسيم له إلى ما عند الناس من رزق الدنيا الشامل للمؤمن والكافر وما عند الله من رزق الآخرة المختص بالمؤمنين ، وفيه تخلص إلى ذكر صفات المؤمنين وذكر بعض ما يلقاه الظالمون يوم القيامة.
فقوله : « فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا » الخطاب للناس على ما يفيده السياق دون المشركين خاصة ، والمراد بما أوتيتم من شيء جميع ما أعطيه للناس ورزقوه من النعيم ، وإضافة المتاع إلى الحياة للإشارة إلى انقطاعه وعدم ثباته ودوامه ، والمعنى : فكل شيء أعطيتموه مما عندكم متاع تتمتعون به في أيام قلائل.
وقوله : « وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ » المراد بما عند الله ما ادخره الله ثوابا ليثيب به المؤمنين ، واللام في « لِلَّذِينَ آمَنُوا » للملك والظرف لغو ، وقيل اللام متعلق بقوله : « أَبْقى » والأول أظهر ، وكون ما عند الله خيرا لكونه خالصا من الألم والكدر وكونه أبقى لكونه أدوم غير منقطع الآخر.
قوله تعالى : « وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ » عطف على قوله : « لِلَّذِينَ آمَنُوا » والآية وآيتان بعدها تعد صفات المؤمنين الحسنة وقول بعضهم إنه كلام مستأنف لا يساعد عليه السياق.
وكبائر الإثم المعاصي الكبيرة التي لها آثار سوء عظيمة وقد عد تعالى منها شرب