الخمر والميسر ، قال تعالى : « قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ » البقرة : ٢١٩ ، والفواحش جمع فاحشة وهي المعصية الشنيعة النكراء وقد عد تعالى منها الزنا واللواط قال : « وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً » إسراء : ٣٢ ، وقال حاكيا عن لوط : « أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ » النمل : ٥٤.
وقوله : « يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ » وهو في سورة مكية إشارة إلى إجمال ما سيفصل من تشريع تحريم كبائر المعاصي والفواحش.
وفي قوله : « وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ » إشارة إلى العفو عند الغضب وهو من أخص صفات المؤمنين ولذا عبر عنه بما عبر ولم يقل : ويغفرون إذا غضبوا ففي الكلام جهات من التأكيد وليس قصرا للمغفرة عند الغضب فيهم.
قوله تعالى : « وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ » إلخ ، الاستجابة هي الإجابة واستجابتهم لربهم إجابتهم لما يكلفهم به من الأعمال الصالحة ـ على ما يفيده السياق ـ وذكر إقامة الصلاة بعدها من قبيل ذكر الخاص بعد العام لشرفه.
على أن الظاهر أن الآيات مكية ولم يشرع يومئذ أمثال الزكاة والخمس والصوم والجهاد ، وفي قوله : « وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ » من الإشارة إلى الإجمال الأعمال الصالحة المشرعة نظير ما تقدم في قوله : « وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ » إلخ ، ونظير الكلام جار في الآيات التالية.
وقوله : « وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ » قال الراغب : والتشاور والمشاورة والمشورة استخراج الرأي بمراجعة البعض إلى البعض من قولهم : شرت العسل إذا أخذته من موضعه واستخرجته منه ، قال تعالى : « وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ » والشورى الأمر الذي يتشاور فيه ، قال تعالى : « وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ » انتهى. فالمعنى : الأمر الذي يعزمون عليه شورى بينهم يتشاورون فيه ، ويظهر من بعضهم أنه مصدر ، والمعنى : وشأنهم المشاورة بينهم.
وكيف كان ففيه إشارة إلى أنهم أهل الرشد وإصابة الواقع يمعنون في استخراج صواب الرأي بمراجعة العقول فالآية قريبة المعنى من قول الله تعالى : « الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ » الزمر : ١٨.