أنه أحد الأقوال في معنى المتشابه وعرفت أن الإحكام والتشابه من صفات الآيات التي لها دلالة لفظية على مداليلها ، وأن التأويل ليس من قبيل المداليل اللفظية بل التأويلات حقائق واقعية تنبعث من مضامين البيانات القرآنية أعم من محكماتها ومتشابهاتها ، وعلى هذا فلا هذه الحروف المقطعة متشابهات ولا معانيها المراد بها تأويلات لها.
وأما الأقوال العشرة الآخر فإنما هي تصويرات لا تتعدى حد الاحتمال ولا دليل يدل على شيء منها.
نعم في بعض الروايات المنسوبة إلى النبي صلىاللهعليهوآله وأئمة أهل البيت عليهالسلام بعض التأييد للقول الرابع والسابع والثامن والعاشر وسيأتي نقلها والكلام في مفادها في البحث الروائي الآتي إن شاء الله تعالى.
والذي لا ينبغي أن يغفل عنه أن هذه الحروف تكررت في سور شتى وهي تسع وعشرون سورة افتتح بعضها بحرف واحد وهي ص و ق و ن ، وبعضها بحرفين وهي سور طه وطس ويس وحم. وبعضها بثلاثة أحرف كما في سورتي « الم » و « الر » و « طسم » وبعضها بأربعة أحرف كما في سورتي « المص » و « المر » وبعضها بخمسة أحرف كما في سورتي « كهيعص » و « حم عسق ».
وتختلف هذه الحروف أيضا من حيث أن بعضها لم يقع إلا في موضع واحد مثل « ن » وبعضها واقعة في مفتتح عدة من السور مثل « الم » و « الر » و « طس » و « حم ».
ثم إنك إن تدبرت بعض التدبر في هذه السور التي تشترك في الحروف المفتتح بها مثل الميمات والراءات والطواسين والحواميم ، وجدت في السور المشتركة في الحروف من تشابه المضامين وتناسب السياقات ما ليس بينها وبين غيرها من السور.
ويؤكد ذلك ما في مفتتح أغلبها من تقارب الألفاظ كما في مفتتح الحواميم من قوله : « تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ » أو ما هو في معناه ، وما في مفتتح الراءات من قوله : « تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ » أو ما هو في معناه ، ونظير ذلك واقع في مفتتح الطواسين ، وما في مفتتح الميمات من نفي الريب عن الكتاب أو ما هو في معناه.
ويمكن أن يحدس من ذلك أن بين هذا الحروف المقطعة وبين مضامين السور المفتتحة