وقيل : الراجفة بمعنى المحركة تحريكا شديدا ـ فإن الرجف يستعمل لازما بمعنى التحرك الشديد ، ومتعديا بمعنى التحريك الشديد ـ والمراد بها أيضا النفخة الأولى المحركة للأرض والجبال ، وبالرادفة النفخة الثانية المتأخرة عن الأولى.
وقيل : المراد بالراجفة الأرض وبالرادفة السماوات والكواكب التي ترجف وتضطرب وتنشق ، وتتلاشى والوجهان لا يخلوان من بعد ولا سيما الأخير.
والأنسب بالسياق على أي حال كون قوله : « يَوْمَ تَرْجُفُ » إلخ ظرفا لجواب القسم المحذوف للدلالة على فخامته وبلوغه الغاية في الشدة وهو لتبعثن ، وقيل : إن « يَوْمَ » منصوب على معنى قلوب يومئذ واجفة يوم ترجف الراجفة ، ولا يخلو من بعد.
قوله تعالى : « قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ أَبْصارُها خاشِعَةٌ » تنكير « قُلُوبٌ » للتنويع وهو مبتدأ خبره « واجِفَةٌ » والوجيف الاضطراب ، و « يَوْمَئِذٍ » ظرف متعلق بواجفة والجملة استئناف مبين لصفة اليوم.
وقوله : « أَبْصارُها خاشِعَةٌ » ضمير « أَبْصارُها » للقلوب ونسبة الأبصار وإضافتها إلى القلوب لمكان أن المراد بالقلوب في أمثال هذه المواضع التي تضاف إليها الصفات الإدراكية كالعلم والخوف والرجاء وما يشبهها هي النفوس ، وقد تقدمت الإشارة إليها.
ونسبة الخشوع إلى الأبصار وهو من أحوال القلب إنما هي لظهور أثره الدال عليه في الأبصار أقوى من سائر الأعضاء.
قوله تعالى : « يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ » إخبار وحكاية لقولهم في الدنيا استبعادا منهم لوقوع البعث والجزاء وإشارة إلى أن هؤلاء الذين لقلوبهم وجيف ولأبصارهم خشوع يوم القيامة هم الذين ينكرون البعث وهم في الدنيا ويقولون كذا وكذا.
والحافرة على ما قيل ـ أول الشيء ومبتداه ، والاستفهام للإنكار استبعادا ، والمعنى يقول : هؤلاء أإنا لمردودون بعد الموت إلى حالتنا الأولى وهي الحياة.
وقيل : الحافرة بمعنى المحفورة وهي أرض القبر ، والمعنى أنرد من قبورنا بعد موتنا أحياء ، وهو كما ترى.
وقيل : الآية تخبر عن اعترافهم بالبعث يوم القيامة ، والكلام كلامهم بعد الإحياء والاستفهام للاستغراب كأنهم لما بعثوا وشاهدوا ما شاهدوا يستغربون ما شاهدوا