ذلك الشخص في الدنيا صوابا أي أقر بالوحدانية وشهد أن لا إله إلا الله فالآية في معنى قوله تعالى : « وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى » الأنبياء : ٢٨.
ويدفعه أن العناية الكلامية في المقام متعلقة بنفي أصل الخطاب والتكلم يومئذ من كل متكلم لا بنفي التكلم في كل أحد مع تسليم جواز أصل التكلم فالمستثنون هم المتكلمون المأذون لهم في أصل التكلم من دون تعرض لمن يتكلم فيه.
( كلام فيما هو الروح في القرآن )
تكررت كلمة الروح ـ والمتبادر منه ما هو مبدأ الحياة ـ في كلامه تعالى ولم يقصرها في الإنسان أو في الإنسان والحيوان فحسب بل أثبتها في غيرهما كما في قوله : « فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا » مريم : ١٧ ، وقوله : « وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا » الشورى : ٥٢ إلى غير ذلك فللروح مصداق في الإنسان ومصداق في غيره.
والذي يصلح أن يكون معرفا لها في كلامه تعالى ما في قوله : « يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي » إسراء : ٨٥ حيث أطلقها إطلاقا وذكر معرفا لها أنها من أمره وقد عرف أمره بقوله : « إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ » يس : ٨٣ فبين أنه كلمة الإيجاد التي هي الوجود من حيث انتسابه إليه تعالى وقيامه به لا من حيث انتسابه إلى العلل والأسباب الظاهرية.
وبهذه العناية عد المسيح عليهالسلام كلمة له وروحا منه إذ قال : « وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ » النساء : ١٧١ لما وهبه لمريم عليهالسلام من غير الطرق العادية ويقرب منه في العناية قوله تعالى : « إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ » آل عمران : ٥٩.
وهو تعالى وإن ذكرها في أغلب كلامه بالإضافة والتقيد كقوله : « وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي » الحجر ٢٩ ، وقوله : « وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ » السجدة : ٩ ، وقوله : « فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا » مريم : ١٧ ، وقوله : « وَرُوحٌ مِنْهُ » النساء : ١٧١ وقوله : « وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ » البقرة ٨٧ إلى غير ذلك إلا أنه أوردها في بعض كلامه مطلقة من غير تقييد كقوله : « تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ » القدر :