فما قضاه الله فيها من الأمر وأبرم قضاءه أسرع إليه الملك المأمور به ـ بما عين له من المقام ـ وسبق غيره وتمم السبب الذي يقتضيه فكان ما أراده الله فافهم ذلك.
وإذا كان المراد بالآيات الثلاث الإشارة إلى إسراع الملائكة في النزول على ما أمروا به من أمر وسبقهم إليه وتدبيره تعين حمل قوله : « وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً » على انتزاعهم وخروجهم من موقف الخطاب إلى ما أمروا به فنزعهم غرقا شروعهم في النزول نحو المطلوب بشدة وجد ، ونشطهم خروجهم من موقفهم نحوه كما أن سبحهم إسراعهم إليه بعد الخروج ويتعقب ذلك سبقهم إليه وتدبير الأمر بإذن الله.
فالآيات الخمس أقسام بما يتلبس به الملائكة من الصفات عند ما يؤمرون بتدبير أمر من أمور هذا العالم المشهود من حين يأخذون في النزول إليه إلى تمام التدبير.
وفيها إشارة إلى نظام التدبير الملكوتي عند حدوث الحوادث كما أن الآيات التالية أعني قوله : « هَلْ أَتاكَ » إلخ إشارة إلى التدبير الربوبي الظاهر في هذا العالم.
وفي التدبير الملكوتي حجة على البعث والجزاء كما أن في التدبير الدنيوي المشهود حجة عليه على ما سيوافيك إن شاء الله بيانه.
هذا ما يعطيه التدبر في سياق الآيات الكريمة ويؤيده بعض التأييد ما سيأتي من الأخبار في البحث الروائي الآتي إن شاء الله.
( كلام في أن الملائكة وسائط في التدبير )
الملائكة وسائط بينه تعالى وبين الأشياء بدءا وعودا على ما يعطيه القرآن الكريم بمعنى أنهم أسباب للحوادث فوق الأسباب المادية في العالم المشهود قبل حلول الموت والانتقال إلى نشأة الآخرة وبعده.
أما في العود أعني حال ظهور آيات الموت وقبض الروح وإجراء السؤال وثواب القبر وعذابه وإماتة الكل بنفخ الصور وإحيائهم بذلك والحشر وإعطاء الكتاب ووضع الموازين والحساب والسوق إلى الجنة والنار فوساطتهم فيها غني عن البيان ، والآيات الدالة على ذلك كثيرة لا حاجة إلى إيرادها ، والأخبار المأثورة فيها عن النبي صلىاللهعليهوآله