وقيل : المراد به جبريل ، وقيل : أرواح الناس وقيامها مع الملائكة صفا إنما هو بين النفختين قبل أن تلج الأجساد ، وقيل : القرآن والمراد من قيامه ظهور آثاره يومئذ من سعادة المؤمنين به وشقاوة الكافرين.
ويدفعها أن هذه الثلاثة وإن أطلق على كل منها الروح في كلامه تعالى لكنه مع التقييد كقوله : « وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي » الحجر : ٢٩ ، وقوله : « نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ » الشعراء : ١٩٣ ، وقوله : « قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ » النحل : ١٠٢ ، وقوله : « فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا » مريم : ١٧ ، وقوله : « وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا » الشورى : ٥٢ والروح في الآية التي نحن فيها مطلق ، على أن في القولين الأخيرين تحكما ظاهرا.
و « صَفًّا » حال من الروح والملائكة وهو مصدر أريد به اسم الفاعل أي حال كونهم صافين ، وربما استفيد من مقابلة الروح للملائكة أن الروح وحده صف والملائكة جميعا صف.
وقوله : « لا يَتَكَلَّمُونَ » بيان لقوله : « لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً » وضمير الفاعل لأهل الجمع من الروح والملائكة والإنس والجن على ما يفيده السياق.
وقيل : الضمير للروح والملائكة ، وقيل : للناس ووقوع « لا يَمْلِكُونَ » بما مر من معناه و « لا يَتَكَلَّمُونَ » في سياق واحد لا يلائم شيئا من القولين.
وقوله : « إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ » بدل من ضمير الفاعل في « لا يَتَكَلَّمُونَ » أريد به بيان من له أن يتكلم منهم يومئذ بإذن الله فالجملة في معنى قوله : « يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ » هود : ١٠٥ على ظاهر إطلاقه.
وقوله : « وَقالَ صَواباً » أي قال قولا صوابا لا يشوبه خطأ وهو الحق الذي لا يداخله باطل ، والجملة في الحقيقة قيد للإذن كأنه قيل : إلا من أذن له الرحمن ولا يأذن إلا لمن قال صوابا فالآية في معنى قوله تعالى : « وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ » الزخرف : ٨٦.
وقيل : « إِلَّا مَنْ أَذِنَ » إلخ استثناء ممن يتكلم فيه والمراد بالصواب التوحيد وقول لا إله إلا الله والمعنى لا يتكلمون في حق أحد إلا في حق شخص أذن له الرحمن وقال