قوله تعالى : « عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ » الأرائك جمع أريكة والأريكة السرير في الجملة وهي البيت المزين للعروس وإطلاق قوله : « يَنْظُرُونَ » من غير تقييد يؤيد أن يكون المراد نظرهم إلى مناظر الجنة البهجة وما فيها من النعيم المقيم ، وقيل : المراد به النظر إلى ما يجزي به الكفار وليس بذاك.
قوله تعالى : « تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ » النضرة البهجة والرونق ، والخطاب للنبي صلىاللهعليهوآله باعتبار أن له أن ينظر فيعرف فالحكم عام والمعنى كل من نظر إلى وجوههم يعرف فيها بهجة النعيم الذي هم فيه.
قوله تعالى : « يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ » الرحيق الشراب الصافي الخالص من الغش ، ويناسبه وصفه بأنه مختوم فإنه إنما يختم على الشيء النفيس الخالص ليسلم من الغش والخلط وإدخال ما يفسده فيه.
قوله تعالى : « خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ » قيل الختام بمعنى ما يختم به أي إن الذي يختم به مسك بدلا من الطين ونحوه الذي يختم به في الدنيا ، وقيل : أي آخر طعمه الذي يجده شاربه رائحة المسك.
وقوله : « وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ » التنافس التغالب على الشيء ويفيد بحسب المقام معنى التسابق قال تعالى : « سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ » الحديد : ٢١ ، وقال : « فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ » المائدة : ٤٨ ، ففيه ترغيب إلى ما وصف من الرحيق المختوم.
واستشكل في الآية بأن فيها دخول العاطف على العاطف إذ التقدير فليتنافس في ذلك إلخ وأجيب بأن الكلام على تقدير حرف الشرط والفاء واقعة في جوابه وقدم الظرف ليكون عوضا عن الشرط والتقدير وإن أريد تنافس فليتنافس في ذلك المتنافسون.
ويمكن أن يقال : إن قوله : « وَفِي ذلِكَ » معطوف على ظرف آخر محذوف متعلق بقوله : « فَلْيَتَنافَسِ » يدل عليه المقام فإن الكلام في وصف نعيم الجنة فيفيد قوله : « وَفِي ذلِكَ » ترغيبا مؤكدا بتخصيص الحكم بعد التعميم ، والمعنى فليتنافس المتنافسون في نعيم الجنة عامة وفي الرحيق المختوم الذي يسقونه خاصة فهو كقولنا : أكرم المؤمنين والصالحين منهم خاصة ، ولا تكن عيابا وللعلماء خاصة.
قوله تعالى : « وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ » المزاج ما يمزج به ، والتسنيم على ما تفسره الآية التالية عين في الجنة سماه الله تسنيما وفي لفظه معنى الرفع والملء يقال : سنمه أي رفعه