قاله الراغب. وإِبرام أَي إِحكام. المباني جمع مَبنى ، استعمل في الكلمات والأَلفاظ والصِّيغِ العربية ، وفي الفقرتين الترصيع. وفي بعض النسخ إِبراز بدل إِبرام ، أَي الإِتيان بِها ظاهرةً من غير خفاءٍ. فصَرَفْت أَي وَجَّهْت. صَوْب أَي جهة وناحية ، وهو مما فات المؤلّف. هذا المقصِد (١) عِناني أَي زِمامي. وأَلّفت هذا الكتابَ أَي القاموس ، وللسيّد الشريف الجرجاني قُدِّس سرّه في هذا كلام نفيس فراجعه. مَحذُوف الشواهِد أَي متروكها ، والشواهد هي الجزئيات التي يؤتى بها لإِثبات القواعد النحوية ، والأَلفاظ اللغوية ، والأَوزان العَروضية ، من كلام الله تعالى ، وحديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أَو من كلام العرب الموثوقِ بعرَبيَّتهم على أَن في الاستدلال بالثاني اختلافاً (٢) والثالث هم العَرب العَرْباءُ الجاهليّة والمخضرمون والإِسلاميون لا الموَلَّدون ، وهم على ثلاثِ طبقاتٍ ، كما هو مُفَضَّل في محلّه. مطرُوح الزوائدِ قريب من محذوف الشواهد ، وبينهما الموازنة. مُعْرِباً أَي حالة كونه موضِّحاً ومُبَيِّناً. عن الفُصَح والشَّوَارد وتقدم تفسيرهما. وجَعلْتُ بتوفيق الله جلّ وعلا (*) ، وهو الإِلهام ، لوقوع الأَمر على المطابقة بين الشيئين. زُفَراً كصُرَد : البَحر. في زِفْر بالكسر القِرْبة أَي بَحراً متلاطماً في قِرْبة صَغيرة ، وهو كناية عن شدَّة الإِيجاز ونهاية الاختصار ، وجمع المعاني الكثيرة في الأَلفاظ القليلة ، هذا الذي قرَّرناه هو المسموع من أَفواه مشايخنا ، ومنهم من تمحَّل في بيان هذه الجملة بمعانٍ أُخَر لا تخلو عن التكلُّفات الحَدْسِيَّة المخالفة للنقول الصريحة. ولخَّصْت أَي بَيَّنْت وهَذَّبت. كلَّ ثلاثينَ سِفْراً أَي جعلت مُفادَها ومَعناها. في سِفْر واحد. وضمَّنْته أَي جَعلت في ضِمْنِه وأَدرجت فيه. خُلاصَة بالضم بمعنى خالِص ولُباب. ما في كتابَي. العُباب والمُحْكَم السابق ذكرهما. وأَضفْتُ أَي ضممت. إِليه أَي إِلى المختصر من الكتابين. زِيادَاتٍ يحتاج إِليها كُلُّ لغويّ أَريب ، ولا يستغني عنها كل أَديب ، فلا يقال إِن كلام المصنف فيه المخالفة لما تقدم من قوله مطروح الزوائد ، مَنَّ الله تعالى بها أَي بتلك الزِّيادات أَي هي مَواهِبُ إِلهِيّة مما فتح الله تعالى بها. عَلَيَّ وأَنعم (٣) أَي أَعطى وأَحسن. وَرَزَقَنِيها أَي أَعطانيها. عِند غَوْصي عليها أَي تلك الزيادات ، وهو كناية عما استنبطَتْه أَفكارُه السليمة. من بُطُون الكُتب أَي أَجوافها. الفاخِرة أَي الجيّدة أَو الكثيرة الفوائد أَو المعتَمَدة المعوَّل عليها. الدَّأْمَاءِ ممدوداً هو البحر. الغَطَمْطَم هو العظيم الواسع المنبسِط ، وهو من أَسماء البحر أَيضاً إِلا أَنه أُريد هنا ما ذكرناه ، لتقدم الدَّأْماء عليه ، فالدأْماء مفعول أَوّل لِغْوصي وهو تارةً يستغنِي بالمفعول الواحد ، وتارةً يحتاج إِلى مفعول آخرِ فيتعَدَّى إِليه بعَلَى ، ومِنْ بَيانِيَّة حالٌ من الدأْماء. وأَسَمَيْته كسمَّيته بمعنى واحد ، وهما من الأَفعال التِي تتعدّى للمفعول الأَول بنفسها وللثاني تارة بنفسها وتارة بحرف جر ، فالمفعول الأَول الضمير العائد للكتاب ، والمفعول الثاني. القامُوسَ هو البحر. المحيط ويوجد في بعض نسخ المقلّدين التعرض لبقية التسمية التي يُورِدها المصنف في آخر الكتاب ، وهي قوله والقابوس الوسيط ، ففي بعضٍ الاقتصار على هذا ، وفي أُخرى زيادة «فيما ذهب من لُغة العرب شَمَاطيط» وكل ذلك ليس في النسخ الصحيحة ويرد على ذلك أَيضاً قوله. لأَنَّه أَي الكتاب. البحرُ الأَعظم فإِن هذا قاطع لبقية التسمية ، قال شيخنا : وإِنما سمي كتابه هذا بالقاموس المحيط على عادته في إِبداع أَسامي مُؤَلّفاته ، لإِحاطته بلغة العرب ، كإِحاطة البحر للرُّبْع المعمور. قلت : أَي فإِنه جمع فيه سِتين أَلف مادة ، زاد على الجوهري بعشرين أَلف مادة ، كما أَنه زاد عليه ابن منظور الإِفريقي في لسان العرب بعشرين أَلف مادة ، ولعل المصنف لم يطّلع عليه ، وإِلا لزاد في كتابه منه ، (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) ، ومما أَحمد الله تعالى على نعمته أَن كان من جملة موادّ شرحي هذا كتابُه المذكور (٤).
قال شيخنا رحمهالله : وقد مَدح هذا الكتابَ غيرُ واحِدٍ ممن عاصره وغيرُهم إِلى زماننا هذا ، وأَوْرَدوا فيه أَعارِيض
__________________
(١) في القاموس : القصد.
(٢) بهامش المطبوع : «بهامش بعض النسخ : والاستدلال بحديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إنما هو على رأي ابن مالك ومن تبعه ، وأما على رأي الجمهور فلا. قالوا : أكثر الأحاديث المروية على طريقة النقل بالمعنى والتناقل لا يعرف حاله من جهة وثاقته في العربية ، وإن لم يكن منقولاً بالمعنى فلا يستشهد به أيضاً ، لاحتماله والاحتمال قاطع الاستدلال انتهى».
(*) في القاموس : الله تعالى بدلاً من جلّ وعلا.
(٣) في القاموس : «بها وأنعم» وسقطت منه «عليّ».
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «ومما أحمد إلى قوله «المذكور» مضروب عليه في بعض النسخ ، ولعل ذلك لتقدمه آنفاً».