في نصرة مذهبنا من المصنفات ما أشرنا إليه ، فلا يجوز أن يخفى علينا من أقواله ـ وهو من سلفنا وفرطنا ـ ما ظهر لغيرنا ، مع بعدهم عنه في المذهب والمشرب ، على أن ما نقله الشهرستاني ـ في الملل والنحل من عبارة هشام ـ لا يدل على قوله بالتجسيم. وإليك عين ما نقله ، قال : وهشام ابن الحكم صاحب غور في الاصول ، لا يجوز أن يغفل عن الزاماته على المعتزلة ، فإن الرجل وراء ما يلزمه على الخصم ، ودون ما يظهره من التشبيه ، وذلك أنه ألزم العلاف ، فقال : انك تقول الباري عالم بعلم ، وعلمه ذاته ، فيكون عالما لا كالعالمين ، فلم لا تقول : هو جسم لا كالاجسام؟ اهـ. ولا يخفى ان هذا الكلام ان صح عنه فإنما هو بصدد المعارضة مع العلاف ، وليس كل من عارض بشيء يكون معتقدا له ، إذ يجوز أن يكون قصده اختبار العلاف ، وسبر غوره في العلم ، كما أشار الشهرستاني إليه بقوله (١٠١٩) : فإن الرجل وراء ما يلزمه على الخصم ، ودون ما يظهر من التشبيه. على انه لو فرض ثبوت ما يدل على التجسيم عن هشام ، فإنما يمكن ذلك عليه قبل استبصاره ، إذ عرفت أنه كان ممن يرى رأي الجهمية ، ثم استبصر بهدي آل محمد ، فكان من أعلام المختصين بأئمتهم ، لم يعثر أحد من سلفنا على شيء مما نسبه الخصم إليه ، كما أنا لم نجد أثرا ما لشيء مما نسبوه إلى كل من زرارة بن أعين ، ومحمد بن مسلم ، ومؤمن الطاق ، وأمثالهم ، مع أنا قد استفرغنا الوسع والطاقة في البحث عن ذلك ، وما هو إلا البغي والعدوان ، والافك والبهتان ، (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون).
أما ما نقله الشهرستاني عن هشام من القول بإلهية علي ، فشيء يضحك الثكلى ، وهشام أجل من أن تنسب إليه هذه الخرافة والسخافة ، وهذا كلام
____________________________________
(١٠١٩) الملل والنحل للشهرستاني ج ١ ص ١٨٥ ط دار المعرفة.