الدراسة الأعمال الجديدة في القرآن عن العمل الاجتراري والتكراري الذي حدث في مجال التفسير ، خلال هذه الفترة وهو ليس بقليل.
وهذا النقد ينبغي أن يقوم على أساس التمييز بين ما يعجب الإنسان أن يقول من رأي وفهم في تفسير كتاب الله تعالى ، وما يفهمه من كتاب الله حقا ، وإن كان لا يعجبه ، وآفة كثير من المفسرين والمتخصصين في القرآن أنهم يريدون أن يعطوا للقرآن ، لا أن يأخذوا من القرآن ، ولو صدقت المحاولة في أن يأخذ الإنسان من القرآن فقط ، دون أن يحمله ذوقه ورأيه ومزاجه وما يعجبه لفتح الله تعالى عليه آفاقا كثيرة من الوعي والبصيرة والهدى.
الخطوط والاتجاهات العامة للتفسير عند أهل البيت عليهمالسلام
أهل البيت عليهمالسلام هم عدل الكتاب في حديث الثقلين المعروف ، وقد سبقت الإشارة إليه ، قد آتاهم الله تعالى وعي الكتاب وخصهم به ، وأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المسلمين بالرجوع إليهم في فهم كتاب الله.
عن الأصبغ بن نباتة ، قال : لما قدم أمير المؤمنين عليهالسلام الكوفة صلى بهم أربعين صباحا ، يقرأ بهم (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) (١) قال : فقال المنافقون : لا والله ، ما يحسن ابن أبي طالب أن يقرأ القرآن ، لو أحسن أن يقرأ القرآن لقرأ بنا غير هذه السورة. قال : فبلغه ذلك ، فقال : «ويل لهم ، إني لأعرف ناسخه من منسوخه ، ومحكمه من متشابهه ، وفصله من فصاله ، وحروفه من معانيه ، والله ما من حرف نزل على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا أني أعرف فيمن نزل ، وفي أي يوم ، وفي أي موضع.
ويل لهم ، أما يقرءون : (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى * صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) (٢) والله عندي ، ورثتهما من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد أنهي إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من إبراهيم وموسى عليهماالسلام.
ويل لهم ، والله أنا الذي أنزل الله في (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (٣) فإنما كنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيخبرنا بالوحي فأعيه أنا ومن يعيه ، فإذا خرجنا قالوا : ماذا قال آنفا». (٤)
وعن مرازم بن حكيم وموسى بن بكير ، قالا : سمعنا أبا عبدالله عليهالسلام يقول : «إنا أهل بيت لم يزل الله يبعث منا من يعلم كتابه من أوله إلى آخره». (٥)
وعن سليم بن قيس الهلالي ، قال : سمعت أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : «ما نزلت آية على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا أقرأنيها ، وأملاها علي ، فأكتبها بخطي ، وعلمني تأويلها وتفسيرها ، وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، ودعا الله لي أن يعلمني فهمها وحفظها ، فما نسيت آية من كتاب الله ، ولا علما أملاه علي
__________________
(١) الأعلى ٨٧ : ١.
(٢) الأعلى ٨٧ : ١٨ و ١٩.
(٣) الحاقّة ٦٩ : ١٢.
(٤) تفسير العياشي ١ : ١٦ / ١.
(٥) مختصر بصائر الدرجات : ٥٩.