وعلى أساس الرأي بعصمة الأنبياء عليهمالسلام فسر أهل البيت عليهمالسلام كل آيات القرآن المتعلقة بحياة الأنبياء عليهمالسلام ، وهو اتجاه معروف لأهل البيت في تفسير القرآن.
روى علي بن محمد بن الجهم ، قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علي بن موسى عليهماالسلام ، فقال له المأمون : يا ابن رسول الله ، أليس من قولك إن الأنبياء معصومون؟ قال : «بلى».
قال : فأخبرني عن قول الله تعالى : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ)؟ (١) فقال الرضا عليهالسلام : «لقد همت به ، ولو لا أن رأى برهان ربه لهم بها ، لكنه كان معصوما ، والمعصوم لا يهم بذنب ولا يأتيه». (٢)
وعن علي بن محمد بن الجهم ، قال : حضرت مجلس المأمون وعنده علي بن موسى الرضا عليهالسلام ، فقال له المأمون : يا ابن رسول الله ، أليس من قولك إن الأنبياء معصومون ، قال : «بلى».
قال : فسأله عن آيات من القرآن ، فكان فيما سأله أن قال له : فأخبرني عن قول الله عز وجل في إبراهيم : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي). (٣) فقال الرضا عليهالسلام : «إن إبراهيم عليهالسلام وقع في ثلاثة أصناف : صنف يعبد الزهرة ، وصنف يعبد القمر ، وصنف يعبد الشمس ، وذلك حين خرج من السرب (٤) الذي أخفي فيه ، فلما جن عليه الليل ورأى الزهرة قال : هذا ربي. على الإنكار والاستخبار ، فلما أفل الكوكب قال : لا أحب الآفلين. لأن الأفول من صفات المحدث لا من صفات القديم ، فلما رأى القمر بازغا قال : هذا ربي. على الإنكار والاستخبار ، فلما أفل قال : لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين. فلما أصبح ورأى الشمس بازغة ، قال : هذا ربي هذا أكبر من الزهرة والقمر على الإنكار والاستخبار ، لا على الإخبار والإقرار ، فلما أفلت قال للأصناف الثلاثة من عبدة الزهرة والقمر والشمس : يا قوم إني بريء مما تشركون ، إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ، وإنما أراد إبراهيم بما قال أن يبين لهم بطلان دينهم ، ويثبت عندهم أن العبادة لا تحق لما كان بصفة الزهرة والقمر والشمس ، وإنما تحق العبادة لخالقها وخالق السماوات والأرض ، وكان ما احتج به على قومه مما ألهمه الله عز وجل وآتاه ، كما قال
الله عز وجل : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ)». (٥) فقال المأمون : لله درك يا ابن رسول الله. (٦)
ثالثا ـ استحالة الرؤية : يذهب أهل الحديث والأشاعرة ، وهم طائفة واسعة من المسلمين إلى إمكان رؤية
__________________
(١) يوسف ١٢ : ٢٤.
(٢) عيون أخبار الرّضا عليهالسلام ١ : ١٩٥ / ١.
(٣) الأنعام ٦ : ٧٦.
(٤) السّرب : المسلك المخفي ، والحفير تحت الأرض لا منفذ له.
(٥) الأنعام ٦ : ٨٣.
(٦) التّوحيد : ٧٤.