قال : قلت : وكيف ذلك؟
قال : إن سارقا أقر على نفسه بالسرقة ، وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحد عليه ، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه ، وقد أحضر محمد بن علي ، فسألنا عن القطع ، في أي موضع يجب أن يقطع؟ قال : فقلت : من الكرسوع ، (١) لقول الله في التيمم : (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) (٢) واتفق معي على ذلك قوم.
وقال آخرون : بل يجب القطع من المرفق ، قال : وما الدليل على ذلك ، قالوا : لأن الله لما قال : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) (٣) في الغسل ، دل على ذلك أن حد اليد هو المرفق.
قال : فالتفت إلى محمد بن علي ، فقال : ما تقول في هذا يا أبا جعفر؟
فقال : «قد تكلم القوم فيه ، يا أمير المؤمنين».
قال : دعني بما تكلموا به ، أي شيء عندك؟
قال : «أعفني من هذا ، يا أمير المؤمنين».
قال : أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه.
فقال : «أما إذا أقسمت علي بالله ، إني أقول : إنهم أخطأوا فيه السنة ، فإن القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فتترك الكف.
قال : وما الحجة في ذلك؟
قال : «قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : السجود على سبعة أعضاء : الوجه ، واليدين ، والركبتين ، والرجلين ، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها. وقال الله تبارك وتعالى : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) (٤) يعني هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً)». (٥) قال : فأعجب المعتصم ذلك ، فأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف.
قال ابن أبي دؤاد : قامت قيامتي ، وتمنيت أني لم أك حيا. (٦)
١٣ ـ وعن علي بن يقطين قال : سأل المهدي أبا الحسن عليهالسلام عن الخمر ، هل هي محرمة في كتاب الله عز وجل ، فإن الناس إنما يعرفون النهي عنها ولا يعرفون تحريمها؟
فقال له أبو الحسن عليهالسلام : «بل هي محرمة في كتاب الله».
فقال : في أي موضع هي محرمة من كتاب الله عز وجل ، يا أبا الحسن؟
__________________
(١) الكرسوع : طرف الزند الذي يلي الخنصر ، وهو الناتئ عند الرّسغ.
(٢) النّساء ٤ : ٤٣.
(٣) المائدة ٥ : ٦.
(٤ ، ٥) ٧٢ : ١٨.
(٦) تفسير الميزان ٥ : ٣٣٥ ، تفسير العياشي ١ : ٣١٩ / ١٠٩.