والشَّطْرُ : مصْدَر شَطَرَ النّاقَةَ والشّاةَ يَشْطُرُها شَطْراً : أَنْ تَحْلُبَ شَطْراً ، وتَتْرُكَ شَطْراً ، وللنَّاقةِ شَطْرانِ : قادِمَانِ ، وآخِرانِ ، وكُلُّ* خِلْفَيْنِ شَطْرٌ والجمع أَشْطُرٌ.
وشَطَّرَ بِنَاقَتِه تَشْطِيراً : صَرَّ خِلْفَيْها ، وتَرَك خِلْفَيْنِ ، فإِنْ صَرَّ خِلْفاً واحداً قِيلَ : خَلَّفَ بها ، فإِنْ صَرَّ ثلاثَةَ أَخْلافٍ ، قيل ثَلَث بها ، فإِذا صَرَّها كُلَّها قيل : أَجْمعَ بها ، وأَكْمَشَ بها.
وشَطَّرَ الشَّيْءَ تَشْطِيراً : نَصَّفَه ، وكل ما نُصِّفَ فقد شُطِرَ.
وشَاةٌ شَطُورٌ ، كصَبُورٍ : يَبِسَ أَحدُ خِلْفَيْهَا.
ونَاقَةٌ شَطُورٌ : يَبِسَ خِلْفَانِ من أَخْلافِها ؛ لأَنّ لها أَرْبَعَةَ أَخْلاف ، فإِنْ يَبِسَ ثلاثَةٌ فهي ثَلُوثٌ.
أَو شاةٌ شَطُورٌ ، إِذا صارَتْ أَحَدُ طُبْيَيْهَا أَطْوَلَ من الآخَرِ ، وقد شَطرَت ، كنَصَرَ وكَرُمَ شِطَاراً.
وثَوْبٌ شَطُورٌ ، أَي أَحَدُ طَرَفَيْ عَرْضِه كذلِكَ ، أَي أَطْوَلُ من الآخر ، قال الصّاغاني : ويقال له بالفارسيّة «كُوسْ» ، بضَمّةٍ غير مُشْبَعَة.
ومن المَجَاز : قولُهُم : حَلَبَ فُلانٌ الدَّهْرَ أَشْطُرَه ، أَي خَبَرَ ضُرُوبَه ، يعنِي مَرَّ بِه خَيْرُه وَشَرُّه وشِدَّتُه ورَخَاؤُه ، تَشْبِيهاً بحَلْبِ جميعِ أَخْلافِ النّاقَةِ ما كان منها حَفِلاً وغير حَفِل ، ودَارّاً وغيرَ دَارٍّ ، وأَصلُه من أَشْطُرِ النّاقَة ، ولها خِلْفَانِ قادمَان وآخَرَان ، كأَنَّه حَلَبَ القَادِمَيْنِ ، وهما الخَيْرُ ، والآخِرَيْنِ ، وهما الشَّرّ. وقيل : أَشْطُرُه : دِرَرُه.
ويُقَال أَيضاً : حَلَبَ الدَّهْرَ شَطْرَيْه.
وفي الكامل للَمُبَرّد (١) : يُقَال للرَّجُل المُجَرِّب للأُمورِ : فلانٌ قد حَلَبَ [الدَّهَر] (٢) أَشْطُرَه ، أَي قد قاسَى الشَّدَائِدَ والرّخاءَ ، وتصَرّفَ في الفَقْرِ والغنَى ، ومعنَى قوله : أَشْطُره ، فإِنما يُريدُ خُلُوفَه ، يقول (٣) : حَلَبْتُها شَطْراً بعد شَطْر ، وأَصلُ هذا من التَّنْصِيفِ ؛ لأَنَّ كلَّ خِلْفٍ عَدِيلٌ لصاحِبِه (٤). وإِذا كانَ نِصْفُ وَلَدِكَ ذُكُوراً ونِصْفُهُم إِناثاً فَهُمْ شِطْرَةٌ ، بالكَسْرِ يقال : وَلَدُ فُلانٍ شِطْرَة.
وإِناءٌ شَطْرَانُ ، كسَكْرَانَ : بَلَغَ الكَيْلُ شَطْرَهُ ، وقَدَحٌ شَطْرانُ ، أَي نَصْفَانُ (٥) وكذلك جُمْجُمَةٌ شَطْرَى ، وقَصْعَةٌ شَطْرَى.
وشَطَرَ بَصَرُهُ يَشْطِرُ شُطُوراً بالضَّمّ ، وشَطْراً : صار كأَنَّهُ يَنْظُر إِليكَ وإِلى آخَرَ ، رواه أَبُو عُبَيْد عن الفَرّاءِ ، قاله الأَزهريّ ، وقد تقَدَّم قريباً.
والشَّاطِرُ : مَنْ أَعْيَا أَهْلَهُ ومُؤَدِّبَه خُبْثاً ومَكْراً ، جمعُه الشُّطّارُ ، كرُمّان ، وهو مأْخُوذٌ من شَطَرَ عنهم ، إِذا نَزَحَ مُرَاغِماً ، وقد قيل : إِنّه مُوَلّد.
وقد شَطرَ ، كَنصَرَ وكَرُمَ ، شَطَارَةً ، فيهِمَا ، أَي في البابين ، ونقل صاحبُ اللسان : شُطُوراً أَيضاً.
وشَطَرَ عنهُم شُطُوراً وشُطُورَةً ، بالضمّ فيهما ، وشَطَارَةً ، بالفَتْحِ إِذا نَزَحَ عَنْهُمْ وتَركَهُم مُراغِماً أَو مُخالِفاً ، وأَعياهُم خُبْثاً.
قال أَبو إِسحاق : قَوْلُ الناس : فلانٌ شاطِرٌ : معناه أَنه آخِذٌ (٦) في نَحْوٍ غيرِ الاستواءِ ، ولذلك قيل له : شاطِرٌ ؛ لأَنه تَبَاعَدَ عن الاسْتِواءِ.
قلْت : وفي جَواهِرِ الخمس للسَّيّد محمّد حَمِيد الدّين الغَوْث ما نصُّه : الجَوْهَرُ الرابِع مَشْرَبُ الشُّطَّار ، جمع شاطِر ، أَي السُّبَّاقِ المُسْرِعِينَ إِلى حَضْرة الله تعالَى وقُرْبِه ، والشَّاطِرُ : هو السّابِقُ ، كالبَرِيدِ الذي يَأْخُذُ المَسَافَةَ البعيدَةَ في المُدَّةِ القَريبةِ ، وقال الشيخُ في مَشْرَبِ الشُّطّار : يَعْنِي أَنه لا يَتَوَلّى هذِه الجهَةَ إِلّا مَنْ كَانَ مَنْعُوتاً بالشّاطر الذي أَعْيَا أَهْلَه ونَزَحَ عنهُم ، ولو كانَ معهم ، إِذْ يَدْعُونَه إِلى الشَّهَوات والمَأْلُوفاتِ ، انتهى.
والشَّطِيرُ كأَمِير : البَعِيدُ يقال : مَنْزِلٌ شَطِيرٌ ، وحَيٌّ شَطِيرٌ ، وبَلَدٌ شَطِيرٌ.
والشَّطِيرُ : الغَرِيبُ ، والجمع الشُّطُرُ ، بضمّتين ، قال امرُؤُ القَيْس :
__________________
(*) في القاموس : فَكلُّ.
(١) الكامل للمبرد ١ / ٢٤٨.
(٢) زيادة عن المبرد.
(٣) عند المبرد : يقال.
(٤) بعدها في المبرد : وللشطر وجهان في كلام العرب ، فأحدهما النصف ، من ذلك قولهم : شاطرتك مالي ، والوجه الآخر : القصد ، يقال : خذ شطر زيد أي قصده.
(٥) ضبطت بالفتح عن الصحاح واللسان.
(٦) اللسان : «أخذ» وفي التهذيب : «أنه قُدَّ».