أَشَاقَكَ بيْنَ الخَلِيطِ الشُّطُرْ |
وفِيمَنْ أَقامَ من الحَيِّ هِرّ |
أَرادَ بالشُّطُرِ هنا المُتَغَرِّبينَ ، أَو المُتَعَزِّبينَ ، وهو نَعْتُ الخَلِيطِ.
ويقالُ للغَرِيب : شَطِيرٌ ؛ لِتَبَاعُدِه عن قَوْمه ، قال :
لا تَدَعَنِّي (١) فيهِمُ شَطِيرَا |
إِنِّي إِذاً أَهْلِكَ أَو أَطِيَرا |
أَي غَرِيباً ، وقال غَسَّانُ بنُ وَعْلة :
إِذَا كُنْتَ في سَعْدٍ وأُمُّكَ مِنْهُمُ |
شَطِيراً فلا يَغْرُرْكَ خالُكَ من سَعْدِ |
|
وإِنَّ ابنَ أُخْتِ القَوْمِ مُصْغًى إِناؤُه |
إِذا لَمْ يُزَاحِمْ خَالَهُ بأَبٍ جَلْدِ (٢) |
يقول : لا تَغْتَرَّ بخُؤلَتِكَ ؛ فإِنَّك منقُوصُ الحَظِّ ما لم تُزَاحِمْ أَخوالَك بآباءٍ شِرافٍ ، وأَعمامٍ أَعِزَّة ، وفي حديث القاسِمِ بنِ مُحمّد : «لو أَنّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا على رَجُلٍ بحَقٍّ ، أَحدُهُما شَطِيرٌ (٣) أَي غَرِيبٌ ، يعني : لو شَهِدَ له قَرِيبٌ من أَبٍ أَو ابْنٍ أَو أَخٍ ، ومعه أَجْنَبِيٌّ صَحَّحَت شهادَةُ الأَجْنَبِيّ شهادَةَ القَرِيبِ ، ولعلّ هذا مذهَبُ القاسِمِ ، وإِلّا فشهادَةُ الأَبِ والابنِ لا تُقْبَلُ.
والمَشْطُورُ : الخُبْزُ المَطْلِيُّ بالكامَخِ أَورده الصّاغاني في التَّكْمِلَةِ.
والمَشْطُورُ من الرَّجَزِ والسَّرِيعِ : ما ذَهَبَ شَطْرُه ، وذلِكَ إِذا نَقَصَتْ ثلَاثَةُ أَجزاءٍ من سِتَّتِه ، وهو على السَّلْبِ ، مأْخُوذُ من الشَّطْرِ بمعنَى النِّصْفِ ، صرَّح به المُصَنّف في البَصائِر.
ونَوًى شُطُرٌ ، بضمَّتَيْنِ : بعِيدَةٌ.
ونِيَّةٌ شَطُورٌ ، أَي بَعيدَةٌ.
وشَطَاطِيرُ : كُورَةٌ غَرْبيَّ النّيلِ بالصَّعِيدِ الأَدْنَى ، وهي التي تُعرَف الآنَ بشَطُّورات ، وقد دَخلْتُها ، وقد تُعَدّ في الدِّيوان من الأَعمال الأَسْيوطِيّة الآن.
وشاطَرْتُه مالِي : ناصَفْتُه ، أي قاسَمْتُه بالنِّصف ، وفي المُحْكَمِ : أَمْسَكَ شَطْرَه وأَعطاه شَطْرَه الآخَر.
ويقال : هُمْ مُشَاطِرُونَا ، أَي دُورُهُم تَتَّصِلُ بدُورِنَا ، كما يقال : هؤُلاءِ مُنَاحُونَا (٤) ، أي نَحْنُ نَحْوَهم وهم نَحْوَنا.
وفي حَدِيثِ مانِع الزَّكاة قَوْلُه صلىاللهعليهوسلم «مَنْ مَنَعَ صَدقَةً فإِنّا آخِذُوهَا وشَطْرَ مالِهِ ، عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا».
قال ابنُ الأَثِيرِ : قال الحَرْبِيّ : هكَذَا رَواه بَهْزٌ راوِي هذا الحَدِيثِ ، وقَدْ وُهِّمَ. ونصُّ الحَرْبِيّ : غَلِطَ بَهْزٌ في لفْظِ الرّوَايَة ، إِنَّمَا الصّوابُ «وشُطِرَ مالُه (٥)» ، كعُنِيَ ، أي جُعِلَ مالُه شَطْرَيْنِ ، فيتَخَيَّرُ عليه المُصَدِّقُ ، فيأْخُذُ الصَّدَقَةَ من خَيْرِ الشَّطْرَينِ أَي النِّصْفَيْن عُقُوبَةً لمَنْعِه الزَّكاةَ ، فأَمّا ما لا يَلْزَمُه فلا ، قال : وقالَ الخَطّابِيّ ـ في قَوْلِ الحَرْبِيّ ـ : لا أَعْرِفُ هذا الوَجْهَ. وقيل : معناه أَنَّ الحَقَّ مُسْتَوْفًى منه غير مَتْرُوكٍ عليه وإِنْ تَلِفَ شَطْرُ مالِه ، كرَجلٍ كان له أَلْفُ شاة فتَلفَتْ حتّى لم يَبْقَ له إِلّا عِشْرُون ، فإِنّه يُؤْخَذُ منه عَشْرُ شياهٍ لصدَقِة الأَلفِ ، وهو شَطْرُ ماله الباقي ، قال : وهذا أَيضاً بعيدٌ ؛ لأَنّه قالَ : «إِنَّا آخِذُوها وشَطْرَ ماله» ، ولم يقل «: إِنَّا آخِذُو شَطْرِ مالِه». وقيل : إِنه كانَ في صَدْرِ الإِسلامِ يَقْعُ بعضُ العُقُوباتِ في الأَموالِ ثمّ نُسِخَ ، كقولِه في الثَّمَرِ المُعَلَّقِ : «مَنْ خَرَج بشْيءٍ منه فعليهِ غَرامَةُ مِثْلَيْه والعُقْوبة» وكقوله في ضالَّةِ الإِبِلِ المَكْتُومَةِ «غَرَامَتُهَا ومِثْلُها مَعَها» ، فكان عُمَر يَحْكم به فَغَرَّمَ حاطِباً ضِعْفَ ثَمَنِ ناقَةِ المُزَنِيّ لمَّا سَرَقَهَا رَقِيقُه ونَحَرُوهَا ، قال : وله في الحديثِ نظائِرُ. قال : وقد أَخَذَ أَحمدُ بنُ حَنْبَلٍ بشيْءٍ من هذا وعَمِلَ به.
وقال الشّافِعِيّ في القديم : مَنْ منَعَ زكَاةَ مَالِه أُخِذَت منه ، وأُخِذَ شَطْرُ مالِهِ عُقُوبَةً على مَنْعِه. واستدَلّ بهذا الحديثِ ، وقال في الجَدِيدِ : لا يُؤْخَذُ منه إِلّا الزَّكَاةُ لا غَيْرُ ، وجعَلَ هذا الحديثَ منْسُوخاً وقال : كان ذلك حيثُ كانَت العُقُوبَاتُ في الأَموالِ (٦) ، ثم نُسِخَت.
__________________
(١) التهذيب والصحاح : لا تتركّني.
(٢) المصغى : الممال ، وإذا أميل الإناء انصبّ ما فيه ، فضربه مثلا لنقص الحظ.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : أحدهما شطير ، تمام الحديث كما في اللسان : فإنه يحمل شهادة الآخر ، وكان الأولى للمؤلف ذكره ليتضح ما ذكره بعد اهـ».
(٤) اللسان : يناحوننا.
(٥) عبارة النهاية : قال الحربي : غلط [بهز] الراوي في لفظ الرواية ، وإنما هو وشُطِّر ماله ...
(٦) الأصل واللسان ، وفي النهاية : المال.