والحَوْفَزانُ ، فَوْعَلانٌ من الحَفْزِ ، وهو لَقَبُ الحَارِثِ بن شَرِيكٍ الشَّيْبَانِيّ أَخي النُّعْمَان ومَطَر رَهْطِ مَعْنِ بن زائدةَ ، لُقِّبَ به لأَنَّ قَيْسَ بنَ عاصِمٍ المِنْقَرِيّ التَّمِيمِيّ الصحابيّ رَضِيَ الله تعالَى عَنْهُ حَفَزَهُ بالرُّمْح ، أَي طَعَنَه به حِينَ خافَ أَنْ يَفُوتَهُ فعَرِجَ من تِلْكَ الحَفْزَةِ فسُمِّيَ بتلك الحَفْزَةِ حَوْفَزَاناً ، حكاهُ ابن قُتَيْبَة ، كذا في المُحْكَم ؛ وفي التَّهْذِيبِ : هو لَقَبٌ لجَرَّارٍ من جَرّارِي العَرَبِ ، وكانت العربُ تقولُ للرَّجُل إِذا قادَ أَلْفاً : جَرّاراً. وقال الجَوهريُّ : لُقّب بذلك لِأَنَّ بُسْطامَ بنَ قَيْسٍ طَعَنَهُ فأَعْجَلَه (١). وأَنشدَ ابنُ سِيدَه لِجَرِيرٍ يَفْتَخِر بذلك :
ونَحْنُ حَفَزْنَا الحَوْفَزَانَ بطَعْنَةٍ |
|
سَقَتْه نَجِيعاً من دَمِ الجَوْفِ أَشْكَلَا |
قال الجَوْهريُّ ، وقولُهم : إِنّمَا حَفَزَه بِسْطَامُ بنُ قَيْس غَلَطٌ لأَنّه شَيْبَانِيٌّ فكيف يَفْتَخِر جَرِيرٌ به. قال ابنُ بَرِّيّ : ليس البَيْتُ لجَرِيرٍ وإِنّمَا هو لسَوّار بنِ حِبّانَ الْمِنْقَرِيّ ، قالَهُ يَوْمَ جَدُودَ. زاد الصاغانيّ : وفي النّقَائض أَنّه لِقَيْسِ بنِ عاصِمٍ ، والصَّوَابُ أَنَّه لِسَوّار ، وبَعْدَه :
وحُمْرَانَ قَسْراً أَنْزَلَتْه رِماحُنَا |
|
فعَالَجَ غُلًّا في ذِرَاعَيْه مُثْقَلَا (٢) |
وقال ابنُ بَرِّيّ : وقال الأَهْتَمُ بنُ سُمَيٍّ الْمِنْقَرِيّ أَيضاً :
ونَحْنُ حَفَزْنَا الحَوْفَزانَ بطَعْنَةٍ |
|
سَقَتْه نَجِيعاً من دَمِ الجَوفِ آنِيَا |
والحَفَزُ بالتَّحْرِيك : الأَمَدُ والأَجَلُ ، في لُغَة بني سَعْد ، قال ابنُ الأَعْرابيّ : يُقَال : جَعَلْتُ بَيْنِي وبَيْنَ فُلانٍ حَفَزاً ، أَي أَمَداً ، قال :
واللهِ أَفْعَلُ ما أَرَدْتُمْ طائعاً |
|
أَوْ تَضْرِبُوا حَفَزاً لِعَامٍ قابِلِ |
واحْتَفَزَ : اسْتَوْفَز ، ومنه حَدِيثُ أَنَسٍ : «أَنَّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أُتِيَ بتَمْرٍ فجَعَلَ يَقْسِمُه وهو مُحْتَفِزٌ» ، أَي مُسْتَعْجِل مُسْتَوْفِزٌ ، يريد القِيَامَ غَيْرَ مُتَمَكِّنٍ من الأَرْض. يقال : رَأَيْتُهُ مُحْتَفِزاً ، أَي مُسْتَوْفِزاً ، كتَحَفَّزَ ، ومنه حَدِيثُ الأَحْنَف : «كان يُوَسِّعُ لِمَنْ أَتاهُ ، فإِذا لم يَجِدْ مُتَّسَعاً تَحَفَّزَ له تَحَفُّزاً».
واحْتَفَزَ في مِشْيَتِه : احْتَثَّ واجْتَهَدَ ، عن ابن الأَعرابيّ ، وأَنشد :
مُجَنّبٌ مِثْلُ تَيْسِ الرَّبْلِ مُحْتَفِزٌ |
|
بالقُصْرَيَيْنِ على أَوَلاهُ مَصْبُوبُ (٣) |
مُحْتَفِزٌ ، أَي مُجْتَهِدٌ في مَدِّ يَدَيْه.
واحْتَفَزَ : تَضَامَّ في سُجُودِه وجُلُوسِه ، ومنه حديث عليّ رَضِي الله عنه : «إِذا صَلَّى الرَّجُلُ فَلْيُخَوِّ ، وإِذا صَلَّتِ المَرْأَةُ فَلْتَحْتَفِزْ» ، أَي تَتَضامَّ إِذا جَلَسَتْ وتَجْتَمِع إِذا سَجَدَت ولا تُخَوِّي كما يُخَوِّي الرجُلَ» وقال مُجَاهِدٌ : ذُكِر القَدَرُ عند ابْنِ عَبّاسِ رَضِيَ الله عنهما فاحْتَفَزَ وقال : لَوْ رَأَيْتُ أَحَدَهُم لَعَضَضْتُ بأَنْفِه» ، أَي اسْتَوَى جالساً على وَرِكَيْه ، هكذا فَسَّره النَّضْر ، وقال ابنُ الأَثِير : قَلِقَ وشَخَصَ ضَجَراً ؛ وقيل : اسْتَوَى جالساً على رُكْبَتَيْه كأَنّه يَنْهَضُ. وقال غيرُه : الرجُلُ يَحْتَفِزُ في جُلُوسِه يُرِيدُ القِيَامَ والبَطْشَ بشَيْءٍ.
وحَافَزَهُ مُحافَزَةً : جاثاهُ ، قال الشَّمّاخُ :
ولَمَّا رَأَى الإِظْلامَ بادَرَهُ بِهَا |
|
كَمَا بَادَرَ الخَصْمَ اللَّجُوجَ المُحَافِزُ (٤) |
وقال الأَصمعيّ ، معنَى حافَزَهُ : دَانَاهُ والحَوْفَزَى : لُعْبَةٌ ، وهي أَنْ تُلْقِيَ الصَّبِيَّ على أَطْرَافِ رِجْلَيْكَ فتَرْفَعَهُ ، وقد حَوْفَزَ ، نقله الصّاغانيّ.
والحافِزُ : حَيْثُ يَنْثَنِي من الشِّدْق ، نقله الصّاغانيّ.
* وممّا يُسْتَدْرَك عليه :
رجُلٌ مُحْفَزٌ : حافِزٌ ، وأَنشد ابنُ الأَعْرابيّ :
ومُحْفِزَة الحِزَامِ بمرْفَقَيْهَا |
|
كشَاةِ الرَّبْلِ أَفْلَتَتِ الكِلَابَا (٥) |
__________________
(١) كذا ، وما نسب للجوهري هنا واللسان هو تتمة عبارة التهذيب ، أما عبارة الصحاح : .. لقب بذلك لأن قيس بن عاصم .. وتمامها كعبارة ابن قتيبة.
(٢) في التكملة : «مقفلاً». ويعني بحمران ابن حمران بن عبد بن عمرو بن بشر بن عمرو بن مرثد.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : على أولاه مصبوب ، يقول : يجري على جريه الأول لا يحول عنه وليس مثل قوله :
إذا أقبلت قلت دبّاءة
ذلك إنما يحمد من الإناث ، أفاده في اللسان».
(٤) ويروى : بادرها به.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «يعني أن هذه الفرس تدفع الحزام بمرفقيها من شدة جريها. كذا في اللسان».