وهو نافِعٌ من لَسْعِ العَقارِبِ ، وإِذَا شُرِبَ من البِزْرِ قَبْلَ لَسْعِ العَقْرَبِ لم يَضُرَّ لَسْعُهَا. ويُقَال : لِمَا في جَوْفِ الأَتْرُج حمّاضٌ ، بارِدٌ يابِسٌ في الثّالِثَةِ ، يَجْلُو الكَلَفَ واللَّوْنَ طِلَاءً ، ويَقْمَعُ الصَّفْرَاءَ ، ويُشَهِّي الطَّعَامَ ، ويَنْفَعُ من الخَفَقانِ الحَارَّ. ويُطَيِّبُ النَّكْهَةَ مَشْرُوباً ، ويَنْفَعُ من الإِسْهَال الصَّفْرَاوِيّ ، ويُوَافقُ المَحْمومينَ (١).
والتَّحْمِيضُ : الإِقْلالُ من الشَّيْءِ. يُقَالُ : حَمَّضَ لَنَا فُلانٌ في القرَى ، أَي قَلَّلَ ، وكَذلِكَ التَّحْبِيضُ.
والمُسْتَحْمِضُ : اللَّبَنُ البَطيءُ الرَّوْبِ ، نَقَلَه ابنُ عَبَّاد.
ومَحْمُودُ بنُ عَلَّي الحُمُّضيُّ ، بضَمَّتَين مُشَدَّدَةً : مُتَكَلِّمٌ ، شَيْخٌ للفَخْرِ الرَّازِيّ. وقد تَقَدَّم للمُصَنِّفِ في الصَّاد أَيضاً.
وذَكَرْنَا هُنَاكَ أَنَّه هو الصَّوابُ ، وهكذا ضَبَطَهُ الحَافِظُ وغَيْرُه ، فإِيرادُهُ هُنَا ثَانِياً تَطْوِيلٌ مُخِلُّ لا يَخْفَى ، فتأَمَّلْ.
* وممّا يُسْتَدْرَك عليه :
قَوْلُهُم : اللَّحْمُ حَمْضُ الرِّجَالِ ، وقولُهُم للرَّجُل إِذا جاءَ مُتَهَدِّداً : أَنْتَ مُخْتَلٌّ فَتَحَمَّضْ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيّ ، والصَّاغَانِيّ ، والزَّمَخْشَرِيّ ، وهو مَجَازُ ، وقال ابنُ السِّكِّيت في «كِتَاب المَعَانِي» : حَمَّضْتُهَا ، يَعْنِي الإِبِلَ ، تَحْمِيضاً ، أَي رَعَّيْتُهَا الحَمْضَ.
ومن المَجَازِ قولُهم :
جاؤوا مُخِلِّينَ فَلَاقَوْا حَمْضا (٢)
أَي جاؤوا يَشْتَهُونَ الشَّرَّ فَوَجَدْوا مَنْ شَفَاهُمْ مِمّا بِهِم.
ومثلُه قولُ رُؤْبة :
ونُورِدُ المُسْتَوْرِدِينَ الحَمْضَا
أَي مَنْ أَتانَا يَطْلُب شَرَّا شَفَيْناه مِنْ دَائه ، وذلِكَ أَنَّ الإِبِلَ إِذا شَبِعَتْ من الخُلَّةِ اشْتَهَتِ الحَمْضَ.
وإِبلٌ حَمَضِيَّة ، بالتَّحْرِيك ، لُغَةٌ في حَمْضِيَّة ، بالتَّسْكِين ، على غَيْرِ قِيَاس.
وأَحْمَضَتِ الأَرْضُ ، فهي مُحْمِضَةٌ : كَثِيرَةُ الحَمْضِ ، وكَذلِكَ حَمْضِيَّةٌ. وقد أَحْمَض القَوْمُ ، أَي أَصابُوا حَمْضاً.
ووَطِئْنَا حُمُوضاً من الأَرْضِ ، أَي ذَوَاتِ حَمْضِ.
والمُحَمِّضُ من العِنَبِ ، كمُحَدِّث : الحَامِضُ.
وحَمَّضَ تَحْمِيضاً : صار حَامِضاً.
وفُؤَادٌ حَمْضٌ ، بالفَتح ، ونَفْسٌ حَمْضَةٌ : تَنْفِرُ من الشَّيْءِ أَوّلَ ما تَسْمَعُه. قال دُرَيدُ بنُ الصِّمَّةِ :
إِذا عِرْسُ امْرىءٍ شَتَمَتْ أَخَاهُ |
|
فلَيْسَ فُؤَادُ شانِيهِ بحَمْضِ |
وتَحَمَّضَ الرَّجُلُ : تَحَوَّلَ من شَيْءٍ إِلى شَيْءٍ.
وحَمَّضَهُ عنه ، وأَحْمَضَهُ : حَوَّلَهُ ، وهو مَجاز.
وأَحْمَضَ القَوْمُ : أَفَاضُوا فِيما يُؤْنِسُهُمْ من حَدِيثٍ (٣). ومنه حَدِيث ابنِ عَبّاس ـ رَضِيَ الله عنهما ـ أَنَّه كانَ يَقُول ، إِذا أَفَاضَ مَنْ عِنْدَهُ في الحَدِيثِ بَعْدَ القُرْآنِ والتَّفْسِير : «أَحْمِضُوا» ، ضَرَبَ ذلِكَ مَثَلاً لخَوْضِهِم في الأَحادِيثِ (٤) وأَخْبَارِ العَرَبِ ، إِذَا مَلُّوا تَفْسِيرَ القُرْآن ، وقال الطِّرِمَّاحُ :
لا يَنِي يُحْمِضُ العَدُوَّ وذُو الخُلَّ |
|
ةِ يُشْفَى صَدَاهُ بالإِحْماضِ |
وقال بَعْضُ النَّاس : إِذَا أَتَى الرَّجُلُ المَرْأَةَ في دُبُرِهَا فقد حَمَّضَ تَحْمِيضاً ، وهو مَجَاز ، كأَنَّه تَحَوَّلَ من خَيْرِ المَكَانَيْنِ إِلى شَرِّهمَا شَهْوَةً مَعْكُوسَةً. ويُقَال للتَّفخِيذِ في الجِمَاع التَّحْمِيضُ أَيْضاً. ومنه قَوْلُ الأَغْلبِ العِجْلِيِّ يَصِفُ كَهْلاً :
يَضُمُّها ضَمَّ الفَنِيقِ البَدَّا |
|
لا يُحْسِنُ التَّحْمِيضَ إِلاَّ سَرْدَا |
يَحْثُو المَلاقِيَّ نَضِيًّا عَرْدَا
والحُمَّيْضَى ، كسُمَّيْهَى : نَبْتٌ ، ولَيْسَ من الحُمُوضَة.
وبَنُو حُمَيْضَةَ : بَطْنٌ. قال الجَوْهَرِيّ : مِنْ كِنَانَةَ.
وحُمَيْضَةُ : اسمُ رَجُلٍ مَشْهُورٍ مِنْ بَنِي عامِرِ بْن صَعْصَعَةَ.
وحُمَيْضَةُ بنُ مُحَمَّدِ بن أَبي سَعْدٍ الحَسَنِيّ ، من أُمَرَاءِ مَكَّةَ ، كَان بالعِرَاق.
__________________
(١) انظر تذكرة داود الانطاكي.
(٢) الرجز للعجاج وهو في ديوانه / ٣٥.
(٣) الأصل والأساس ، وفي النهاية : فيما يؤنسهم من الكلام والأخبار.
(٤) الأساس : في الأشعار وأيام العرب.