أَسْفَلَ البَيْضَةِ ، يَقِي بِهَا الرَّجُلُ عُنُقَهُ ، ويُقَالُ لِذلِك : المِغْفَرُ أَيضا ، وقالَ أَبُو وَجْزَةَ :
وَتَسْبِغَةٍ يَغْشَىَ المَنَاكِبَ رِيْعُهَا |
|
لِدَاوُدَ كانَتْ ، نَسْجُها لَم يُهَلْهَلِ |
وَقَالَ مُزَرِّدٌ :
وَتَسْبِغَةٌ في تَرْكَةٍ حِمْيَرِيَّةٍ |
|
دُلامِصَةٍ تَرْفَضٌ عَنْهَا الجَنَادِلُ |
قُلْتُ : والَّذِي قَرَأْتُه في كِتَابِ الدِّرْعِ والبَيْضَةِ لأَبِي عُبَيْدَةَ : أنَّ رَفْرَفَ البَيْضَةِ غَيْرُ تَسْبِغَتِها ؛ فإنَّهُ قالَ ـ في بابِ البَيْضِ وما فِيهَا ـ ما نَصُّهُ : ومِنْهَا ما لَهَا رَفْرَفٌ حَلَقٌ قَدْ أَحاطَ بأَسْفَلِهَا حَتَّى يُطِيفُ بالقَفَا والعُنُقِ والخَدَّيْنِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلى مِحْجَرَيِ العَيْنَيْنِ ، فذلِكَ رَفْرَفُ البَيْضَةِ ، وقَالَ فِيمَا بَعْدُ : فإذَا لَم تَكُنْ صَفِيحاً ، وكانَتْ سَرْداً ، وهُوَ الحَلَقُ ، فهِيَ مِغْفَرٌ وغِفَارَةٌ ، ويُقَالُ لَها : تَسْبِغَةٌ ، فتَأَمَّلْ ذلِكَ.
والسَّبْغَةُ : السَّعَةُ والرَّفاهِيَّةُ ، وَهوَ مَجازٌ ، يَقَالُ : إنَّهُمْ لَفي سَبْغَةٍ مِنَ العَيْشِ.
وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : رَجُلٌ سُبُغُ ، كعُنُقٍ : عَلَيْهِ دِرْعٌ سابِغَةٌ ، هكَذَا قَيَّدَهُ الصّاغَانِيُّ في العُبَابِ (١) ، وهو غَرِيب ، ثُمَّ رَأَيْتُ في اللِّسَانِ : رَجُلٌ مُسْبِغٌ ـ هكَذَا قَيَّدَهُ مِثَال مُحْسِنٍ ـ : عَلَيْهِ دِرْعٌ سابِغَةٌ ، وفي الأَسَاسِ : كَمِيٌّ مُسْبِغٌ : عَلَيْهِ سابِغَةٌ ، ولا إخالُ ما نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ إلّا تَصْحِيفاً ، وقَلَّدَهُ المُصَنِّفُ عَلَى عادَتِه ، فَتَأَمَّلْ.
ومِنَ المَجَازِ : أَسْبَغَ اللهُ عَلَيْهِ : النِّعْمَةَ ، أي : أَتَمَّهَا وَأَكْمَلَهَا ، ووَسَّعَها ، ومِنْهُ قوْلُه تَعَالَى : (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) (٢).
ومِنَ المَجَازِ أَيْضاً : أَسْبَغ الوُضُوءَ إسْبَاغًا : أَبْلَغَهُ مَوَاضِعَهُ ، ووَفَّى كُلَّ عُضْوٍ حَقَّهُ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ صلىاللهعليهوسلم لإنْسٍ ـ رضياللهعنه ـ : «أَسْبِغْ وُضُوءَكَ يُزَدْ في عُمْرِكَ».
وسَبَّغَتِ الحامِلُ تَسْبِيغًا ، فَهِيَ مُسَبِّغٌ ، بلا هاءٍ : أَلْقَتْ وَلَدهَا لِغَيْرِ تَمامٍ ، وفي التَّهْذِيبِ : أَجْهَضَتْهُ ، وقال أَبُو عُبَيْدٍ ـ عَنِ الأَصْمَعِيِّ ـ : إذا أَلْقَتْ النّاقَةُ وَلَدَها وقَدْ أَشْعَرَ قِيلَ : سَبَّغَتْ فهِيَ مُسَبِّغٌ ، وقالَ أَبُو عَمْرٍو : سَبَّطَت الإبِلُ بأَوْلادِهَا (٣) ، وسَبَّغَتْ : إذَا أَلْقَتْها ، قال اللَّيْثُ : وكَذلِكَ مِنَ الحَوَامِلِ كُلِّهَا.
* ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه :
شَيْءٌ سابِغٌ ، أي : كامِلٌ وافٍ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وَأَسْبَغَ شَعْرَه : أَطالَهُ.
وَثَوْبَه : أَوْسَعَهُ.
وَدَلْوٌ سابِغَةٌ : طَوِيلَةٌ ، وهو مَجازٌ ، قال :
دَلْوُكَ دَلْوٌ ـ يا دُلَيْحُ ـ سابِغَهْ |
|
في كُلِّ أَرْجَاءِ القَلِيبِ والِغَهْ |
وَذَنَبٌ سابِغٌ : وافٍ.
وَرَجُلٌ سابِغُ الأَلْيَتَيْنِ ، أي : عَظِيمُهُما.
وَسَبَغَتْ قُصَيْرَى الفَرَسِ : وفُرَتْ ، قال ابنُ أَحْمَرَ يَصِفُ فَرَساً :
سَبَغَتْ قُصَيْرَاهُ وأُسْنِدَ ظَهْرُه |
|
وَإذا تَدَافَعَ خِلْتَهُ لَم يُسْنَدِ |
وَذُو السُّبُوغِ ، بالضَّمِّ : اسمُ دِرْعٍ للنَّبِيِّ صلىاللهعليهوسلم.
والمُسَبَّغُ ، كمُعَظَّمٍ ، مِن الرَّمَلِ : ما زِيدَ عَلَى حَرْفهِ جُزْءٌ ، نَحْو «فاعِلاتانْ» مِنْ قَوْلِه :
يا خَلِيليَّ ارْبَعَا فاسْ |
|
ستَنْطِقَا رَسْمًا بِعُسْفانْ |
فَقَوْلُه : «مَنْ بِعُسْفَانْ» : فاعِلَاتان ، سُمِّيَ بِهِ لوُقُور سُبُوغِه ؛ لأَنَّ فاعِلَاتُنْ إذا جاءَ تامًّا فَهُوَ سابِغٌ ، فإذا زِدْتَ عَلَى السّابغِ فَهُوَ مُسَبَّغٌ ، ونَظِيرُه الفاضِلُ لِذِي الفَضْلِ ، فإذا كَثُرَ فَضْلُه ، فَهُوَ فَضّالٌ ومُفَضَّلٌ.
والمِسْبَاغُ ، بالكَسْرِ : النّاقَةُ تُلْقِي وَلَدَهَا لِغَيْرِ تَمَامٍ ، نَقَلَهُ ابنُ دُرَيْدٍ (٤) ، وقالَ : لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ.
__________________
(١) وفي التهذيب : سُبُغٌ.
(٢) سورة لقمان الآية ٢٠.
(٣) التهذيب واللسان : أولادها.
(٤) الذي في الجمهرة ١ / ٢٨٦ وسبغت الناقة إذا ألقت ولدها حين يشعر ... وهي مسبغ ، وإذا كان ذلك من عادتها فهي مسباغ والولد مسبَّغ» وعبارة ليس بمعروف لم ترد في الجمهرة ، وهي في اللسان عن ابن دريد.