الأَسْبابِ المؤَدِّيةِ للهَلاكِ ، ومنهم من يُوَقّى (١) ويعافى حتى يموتَ حتْفَ أَنْفِه ، وقيلَ : للنَّاسِ أَجَلانِ منهم من يموتُ عبطة ، ومنهم من يبلغ حدًّا لم يَجْعَل الله في طبيعةِ الدُّنيا أَنْ يَبْقى أَحَدٌ أَكْثر منه فيها وإليهما أَشَارَ بقَوْلِه : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) (٢) وقد يُرَادُ بالأَجَلِ الإِهْلاك وبه فسِّرَ قَوْلُه تعَالى : (وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) (٣) أي إهْلَاكهم. والأَجَلُ : أَيْضاً غاية الوقتِ في حُلولُ الدَّيْنِ ونحوهِ. وأَيْضاً مُدَّةُ الشيءِ المَضْرُوبة له ، وهذا هو الأَصْل فيه ، ومنه قَوْلُه تعَالَى : (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ) (٤) ، ومنه أخذ الأَجَل لعدَّةِ النَّساءِ بَعْد الطَّلاقِ. ومنه قَوْلُه تعَالَى : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) (٥) ج آجالٌ. والتأجيلُ تَحْديدُ الأَجَلِ وقد أجله. وفي العُبَابِ : التَّأْجيلُ : ضَرْبٌ من الأَجَلِ. وفي التنزيلِ (كِتاباً مُؤَجَّلاً) (٦) وأَجِلَ كفَرِحَ أَجَلاً فهو أَجِلٌ وأجيلٌ ككَتِفٍ وأَمِيرٍ ، وفي نسخةٍ فهو آجِلٌ تأخَّرَ فهو نَقيضُ العَاجِلِ. واسْتَأْجَلْتُه أي طَلَبْتُ منه الأَجَلَ فأجَّلَني إلى مُدَّةٍ تَأَجِيْلاً أي أَخَّرَني. والآجِلَةُ الآخِرَةُ ضدُّ العَاجِلَةِ وهي الدُّنيا. والإِجْلُ بالكسرِ وجَعٌ في العُنُقِ وقد أَجِلَ الرَّجلُ كعَلِمَ نامَ على عُنُقِه فاشْتَكَاها. وأَجَّلَهُ منه يأجله أجلا من حدِّ ضرب ، وهذه عن الفارسى. وأجله تَأْجِيْلاً ، وآجَلَهُ مُؤَاجَلَةً إذا داواهُ منه أي من وَجَعِ العُنُقِ ، قال ابنُ الجَرَّاحِ : يقالُ بي إجْل فآجِّلوني أي داوُوني منه كما يقالُ طَيَّنْته أي عالجته من الطِّيْنِ (٧) ومَرَّضْتُه أي عالَجْتُه من المَرَضِ. والإِجْلُ : القَطيعُ من بَقَرِ الوَحْشِ والظِّبَاعِ ج آجالٌ. ومن سَجَعاتِ الأَسَاسِ : أُجَلْن عُيُون الآجال فَأَصَبْنَ النفوسَ بالآجال. وفي حدِيثِ زِيادٍ : «في يومٍ مَطِيرٍ تَرْمَضُ فيه الآجالُ». والأُجْلُ بالضم جمعُ أجِيلٍ كأَمِيرٍ للمُتَأخَّرِ وأَيْضاً للمُجْتَمِعِ من الطين (٨) حَوْلَ النَّخْلَةِ ليُحْتَبِسَ فيه الماءُ أَزْديَّة. وتأجَّلَ بمعْنَى اسْتَأَجَلَ كما قيلَ تَعَجَّلَ بمعْنَى اسْتَعْجل. وفي حدِيثِ مَكْحُول : «كنَّا مُرَابِطِيْنَ بالسَّاحلِ فَتَأَجَّل مُتَأَجِّل» أي سَأَلَ أَنْ يُضْرَبَ له أَجَلٌ ويُؤْذَن له في الرّجُوعِ إلى أَهْلِه وقالَ ابنُ هَرْمَةَ :
نَصَارَى تَأَجَلُ في مُفْصِحٍ |
|
ببَيْدَاءَ يَوْمَ سِملّاجِهَا (٩) |
وتَأجَّلَ الصَّوارُ : صار إِجْلاً. وتَأَجَّلَ القومُ : تَجَمَعوا (١٠) نَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ (١١). ويقالُ فَعَلْتُه من أَجْلِكَ (١٢) ومن أَجْلاكَ ومن أَجْلالِكَ ويُكْسَرُ في الكلِّ أَي من جَلَلِكَ وجَرَّاك ، قالَ الله تعالَى : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا) (١٣). وأجَلَهُ يَأْجِلُه أَجَلاً من حَدِّ ضَرَبَ وأَجَّلَهُ تأْجِيْلاً وآجَلَهُ إذا حَبَسَه وقِيلَ : مَنعه ومنه أَجَلُوا مَالَهم : إذا حَبَسُوه عن المَرْعَى. وأَجَلَ عليهم (١٤) الشَّرَّ يأْجُلُه ويأْجِلُه من حدَّيْ نَصَرَ وضَرَبَ أَجْلاً جَناهُ ، قالَ خَوَّات بنُ جُبَيرٍ رَضِيَ الله تعالى عنه ، وذُكِرَ في شعْرِ اللصُوصِ أنَّه للخِنَّوْتِ واسمُه تَوْبة بن مُضَرِّس بن عُبَيْد :
وأَهلٍ (١٥) خِباءٍ صالحٍ ذاتُ بينهم |
|
قد احْتَرَبوا في عاجِله أَنا آجِلُه(١٦) |
أي أَنَا جانِيَه. أو أَجَلَ الشَّرَّ عليهم إذا أَثارَهُ وهَيْجَهُ. وقالَ أَبُو زَيْدٍ : أجَلْتُ عليهم أَجْلاً جَرَرْتُ جَرِيرةً. وقالَ أَبُو عَمْرٍو : جَلَبْتُ عليهم وجَرَرْتُ وأَجَلْتُ بمعْنَى واحدٍ. وأَجَل لأَهْلِه يأْجُلُ أَجْلاً : كَسَبَ وجَمَعَ وجَلَبَ واحْتالَ عن اللّحْيَانّي. والمَأْجَلُ : كَمَقْعَدٍ وهذه عن أَبي عَمْرٍو. وقالَ غيرُه : مِثْل مُعْظَمٍ مُسْتَنْقَعُ الماءِ هذا تفْسِير أَبي عَمْرٍو ، قالَ : والجَمْعُ المَآجِلُ : وقالَ غيرُه : هو شِبْهُ حوضٍ واسعٍ يُؤَجَّل فيه الماءُ ثم يُفَجَّر في الزَّرْعِ ، وسَيَأتِي في مَجَلَ أَنَّ ابنَ الأَعْرَابِيَّ ضَبَطَهُ بكسرِ الجيمِ غيرَ مَهْموزٍ وانْظُر هناك.
وقَدْ أَجلَهُ فيه تأْجِيلاً جَمَعَهُ فَتَأَجَّلَ أي اسْتَنْقَعَ. ويقالُ : أجل لنخلك وعُمَرُو عُثْمانُ ابْنا أُجَيْلٍ كَزُبَيْرٍ محدِّثانِ حدَّثَ
__________________
(١) عن المفردات وبالأصل «يوفى».
(٢) الحج الآية ٥.
(٣) سورة الأعراف الآية ١٨٥.
(٤) سورة القصص الآية ٢٨.
(٥) الأعراف الآية ٦٥.
(٦) آل عمران الآية ١٤٥.
(٧) في اللسان : يقال : طنّيته من الطُنَى.
(٨) نقص بالأصل ، وفي القاموس : من الطين يُجْعَلُ حولَ النخلة.
(٩) التكملة ، وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله : سملاجها ، السملاج كسنمار : عيد للنصارى ، أفاده المجد».
(١٠) عن القاموس وبالأصل «تجمّوا».
(١١) في الأساس : وتأجّلت الصوار : اجتمعت.
(١٢) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : وفَعَلْتُه أَجْلَكَ.
(١٣) سورة المائدة الآية ٣٢.
(١٤) في القاموس : «والشرُ عليهم».
(١٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وأهل مخفوض بواو ربّ عن ابن السيرافي ، قال وكذلك وجدته في شعر زهير ، أفاده في اللسان».
(١٦) اللسان والصحاح والتكملة والتهذيب والمقاييس ١ / ٦٤.