لم يكن لأبي منبر منبر أبيك والله لا منبر أبي. ثمّ قال لي : مَنْ علّمك هذا؟ فقلت : والله ما علّمني أحد. فقال : لا تزال تأتينا. فجئت يوماً وهو خال بمعاوية وابن عمر على الباب فرجعت فلقيني فقال : ألم أقل لك تأتينا؟ قلت : قد جئت وأنت خال بمعاوية وابن عمر على الباب. قال : أفأنت مثل ابن عمر؟ وهل أنبت على رؤوسنا الشعر إلاّ الله ثمّ أنتم؟ إذا جئت فلا تستأذن» (١).
كلّ هذا إشارة إلى أهليتهم للإمامة والخلافة وهم صغار ؛ لقول النبي صلىاللهعليهوآله : «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا». وقول الحسين عليهالسلام لعمر كلام خطير للغاية حيث نبّهه على عدم التصدّي للخلافة ؛ لأنّ صعود المنبر معناه تزعّم الخلافة.
عن هشام بن محمد قال : لمّا أُجري الماء على قبر الحُسَيْن نضب بعد أربعين يوماً وامتُحي أثر القبر فجاء أعرابي من بني أسد فجعل يأخذ قبضة قبضة ويشمّه حتى وقع على قبر الحسين وبكى وقال : بأبي وأُمّي! ما كان أطيبك وأطيب تربتك ميتاً! ثمّ بكى وأنشأ يقول :
أرادوا ليخفوا قبرهُ عن وليِّه |
|
فطيبُ ترابِ القبرِ دلّ على القبرِ(٢) |
____________________
(١) تهذيب التهذيب : ج ٣ ص ٤٣٦ ؛ الإصابة في تمييز الصحابة : ج ١ ص ٣٣٣ ؛ ينابيع المودة : ص ١٩٧ ؛ تاريخ مدينة دمشق : ج ١٤ ص ١٥٧ ح ٣٥١٧ ؛ مقتل الحسين للخوارزمي : ج ١ ص ١٤٥ ؛ سيرأعلام النبلاء : ج ٤ ص ٤٠٥ ـ ٢٧٠ ، وفيه (أي بني لو جعلت تأتينا وتغشانا) تهذيب الكمال : ج ٦ ص ٤٠٤ ؛ بغية الطلب : ج ٦ ص ٢٥٨٤.
(٢) تاريخ مدينة دمشق : ج ١٤ ص ٢٤٥ ح ٣٥٤٧ ؛ سير اعلام النبلاء : ج ٣ ص ٣١٧ وفيه : (انمحى بدل امتحى) كفاية الطالب : ص ٣٩٧ ؛ تهذيب الكمال : ج ٦ ص ٤٤٤ ؛ بغية