حيث أعرضوا عن القرآن الناطق.
لقد وصل الأمر بهم أنّهم لم يكتفوا بقتل الحسين عليهالسلام وإخوته وأولاده وأصحابه وسبي نسائه وحرق خيامه بل حرموهم الماء حتّى وصل بهم العطش إلى الموت ولم يرحموا حتّى الطفل الرضيع. فهذا عبد الله الرضيع عندما عرضه الحسين عليهالسلام ليسقوه شربة ماء وكان يبكي من شدّة العطش فكان مصيره الذبح من الوريد إلى الوريد حتّى صيّروه كالطير المذبوح بل راحوا يصبّون حقدهم بحزّ الرؤوس بدءاً برأس الحسين عليهالسلام ؛ نكاية به وبغضاً لأبيه ولجدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله وهذا يظهر جليّاً من قولهم للحسين عليهالسلام لمّا طلب منهم الماء : لا تذوق الماء حتّى تموت عطشاناً ؛ بغضاً لأبيك. وكان جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله يطيل النظر إلى ولده الحسين عليهالسلام وكانت دموعه تسيل على خدّه وهو يقول صلىاللهعليهوآله : «حسين منّي وأنا من حسين».
هل هذا جزاء الرسول صلىاللهعليهوآله الذي أنقذهم من دياجير الظلمات إلى عالم النور؟! وكما قالت فاطمة عليهاالسلام في خطبتها المعروفة في مسجد النبي صلىاللهعليهوآله : «وكنتم على شفا حفرة من النار(١) مذقة الشارب ونهزة الطامع(٢) وقُبسة العجلان(٣) وموطئ الأقدام(٤) تشربون الطرْق وتقتاتون القد(٥) أذلّة
____________________
(١) شفا كلّ شيء : طرفه وشفيره أي كنتم على شفير جهنم مشرفين على دخولها لشرككم وكفركم.
(٢) أي كنتم قليلين أذلاّء يتخطّفكم الناس بسهولة.
(٣) والقُبسة ـ بالضم ـ : شعلة من نار يقتبس من معظمها والإضافة إلى العجلان لبيان القلّة والحقارة.
(٤) ووطئ الأقدام : مثل مشهور في المغلوبيّة والمذلّة.
(٥) الطرق : ماء السماء الذي تبول فيه الإبل وتبعر والقد : يقد من جلدٍ غير مدبوغ والمقصود