وما أكثر الروايات من طرق أهل السنّة في أنّ الصدقة والدعاء يغيّران القضاء (٣٢).
أما ما وقع في كلمات المعصومين عليهم السلام من الإنباء بالحوادث المستقبلة ، فتحقيق الحال فيها : أنّ المعصوم متى ما أخبر بوقوع أمر مستقبل على سبيل الحتم والجزم ، ودون تعليق ، فذلك يدلّ أنّ ما أخبر به مما جرى به القضاء المحتوم ، وهذا هو القسم الثاني (الحتمي) من أقسام القضاء المتقدّمة؛ وقد علمت أنّ مثله ليس موضعاً للبداء ، فإنّ الله لا يكذّب نفسه ولانبيّه.
ومتى ما أخبر المعصوم بشيء معلقاً على أن لا تتعلق المشيئة الإلهية بخلافه ، ونصب قرينةً ـ متّصلة أو منفصلة ـ
____________
(٣٢) ومن الروايات التي تفيد أنّ الدعاء يغير القضاء ما يلي :
روى سليمان ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : لا يردّ القضاء إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر الا البرّ.
رواه الترمذي في سننه ٤ / ٤٤٨ ح ٢١٣٩ (٨ / ٣٥٠ باب ما جاء : لا يردّ القدر إلا الدعاء).
وروى ثوبان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا يزيد في العمر إلا البرّ ، ولا يردّ القدر إلا الدعاء ، وإن الرجل ليحرم الرزق بخطيئة يعملها [أو : بالذنب يصيبه].
رواه ابن ماجة في سننه ١ / ٣٥ ح ٩٠ [و ٢ / ١٣٣٤ ح ٤٠٢٢] (١ / ٢٤ باب في القدر) ، ورواه الحاكم في المستدرك ١ / ٤٩٣ وصحّحه ولم يتعقبه الذهبي ، ورواه أحمد في مسنده ٥ / ٢٧٧ و ٢٨٠ و ٢٨٢.
والروايات بهذا المعنى كثيرة تطلب من مظانّها.