ثمّ ، موضوع علم العقائد هو المبدأ والمعاد وما بينهما من النبوّة والإمامة ، والبحث عن أحوال الأئمة الأطهار ومقاماتهم الشامخة وفضلهم ومناقبهم إنّما هو من اُصول الدين وأساسه ، فمعرفتهم لازمة وواجبة على كلّ مكلّف ، وعلى كلّ مَن يبحث عن الحقيقة ويطلب سعادته ويبغي نجاته في الدارَين ويتطلّع إلى قائد يقتدي به واُسوة صالحة يتمسّك بها ويهتدي بأقوالها وأفعالها ، والقدوة الصالحة والاُسوة الحسنة لكلّ مَن أراد أن يسعد في حياته وينجو بعد مماته هم الأنبياء والأوصياء والأئمة الأطهار ومن يحذو حذوهم من العلماء الصالحين ، فقدوتنا هم الأئمة الأبرار من أهل بيت النبي المختار عليهمالسلام ، وبهم يعرف اللّه كما عرفت النبوّة ، ولولا الحجّة لساخت الأرض ، ولَضلّ الإنسان وهلك كما ورد في دعاء الغيبة : «اللّهم عرّفني حجّتك ، فإنّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني» ، وعاقبة أمره أن يموت على الجاهلية ، وفي النبوي الشريف : «مَن لم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية ـ متّفق عليه عند الفريقين». فمن وظائف العلماء ومسؤولياتهم الدينية ، تعريف الناس بأئمة الهدى ، وأنّهم القدوة الصالحة والحسنة بعد رسول اللّه صلىاللهعليهوآله.
وثالثاً ـ روى شيخنا الكليني (رحمه الله) بإسناده ، عن عاصم بن حميد ، قال : «سُئل علي بن الحسين عليهالسلام عن التوحيد؟ فقال : إنّ اللّه عزّ وجلّ علم أنّه يكون في آخر الزمان أقوام متعمّقون ، فأنزل اللّه تعالى : (قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدْ) ـ أي : سورة التوحيد ـ ، والآيات من سورة الحديد إلى قوله : (وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ
__________________
وأصفاها هو عقل صاحب الوحي ، ولذا يدرك بنوريّته ما لا سبيل لأمثال عقولنا إلى دركه ، كتفاصيل أحوال نشأة الآخرة ، فاللازم في مثله أن نأخذه منه إذعاناً ، وإن لم نعرف مأخذه العقلي. انتهى كلامه رفع اللّه مقامه.