وآذَنَهُ الأَمْر وآذَنَهُ به : أَعْلَمَهُ ؛ وقد قُرِىءَ : فآذِنُوا بحرْبٍ ، أي أَعْلِمُوا كلَّ مَنْ لم يَتْرك الرِّبا بأَنَّه حربٌ مِن اللهِ ورَسُولِه.
وأَذَّنَ تَأْذِيناً : أَكْثَرَ الإِعْلامَ بالشَّيءِ ؛ قالَهُ سِيْبَوَيْه ؛ وقالوا أَذَّنْتُ وآذَنْتُ ، فمِن العَرَبِ مَنْ يَجْعَلهما بمعْنًى ، ومنهم مَنْ يَقولُ : أَذَّنْت للتَّصْويتِ بإِعْلانٍ ، وآذَنْتُ أَعْلَمْت.
وقوْلُه عزوجل : (وَأَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ) (١) ؛ روي أَنَّه وَقَف بالمَقامِ فنادَى : يا أَيُّها الناس ، أَجِيبُوا اللهَ يا عِبَاد الله ، أَطِيعُوا اللهَ ، يا عِبَاد الله ، اتَّقوا اللهَ ، فَوَقَرَتْ في قلْبِ كلِّ مُؤْمِنٍ ومُؤْمِنَةٍ ، وأَسْمَعَ ما بينَ السَّماءِ والأَرْض ، فأَجابَهُ مَنْ في الأَصْلابِ ممَّن كُتِبَ له الحجُّ.
وأَذَّنَ فُلاناً : عَرَكَ أُذُنَهُ ، أَو نَقَرَهَا.
وأَذَّنَه تأْذِيناً : رَدَّهُ عن الشُّرْبِ فلم يَسْقِهِ ؛ أَنْشَدَ ابنُ الأَعْرابيِّ :
أَذَّنَنا شُرابِثٌ رأْس الدُّبَرْ
أَي رَدَّنا فلم يَسْقِنا.
قالَ ابنُ سِيْدَه : هذا هو المَعْرُوفُ ، وقيلَ : مَعْناهُ نَقَرَ أذننا.
ويقُولونَ : لكلِّ جابهٍ (٢) جَوْزَةٌ ثم يُؤَذِّنُ ، أي لكلِّ واردٍ سَقْيةٌ مِن المَاءِ لأَهْلِه وماشِيَتِه ثم يضربُ أُذُنُه إعْلاماً أَنَّه ليسَ عنْدَهم أَكْثرُ مِن ذلِكَ.
وآذَنَ النَّعْلَ وغيرَها : جَعَلَ لها أُذُناً ، وهو ما أَطافَ منها بالقِبالِ.
وفَعَلَهُ بإِذْني ، بالكسْرِ ، وأَذِينِي ، كأَمِيرٍ ، أَي بِعِلْمي.
قالَ الراغبُ : لكنْ بينَ الإِذْنِ والعِلْمِ فرقٌ ، فإِنَّ الإذْنَ أَخَصُّ إذ لا يكادُ يُسْتَعْمَلُ إلَّا فيمَا فيه مَشِيئةٌ ، ضامَتِ الأَمْرَ أَو لم تضامه ؛ فإنَّ قوْلَه : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلّا بِإِذْنِ اللهِ) (٣) مَعْلومٌ أَنَّ فيه مَشِيئةً وأَمَداً ؛ وقوْله : (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلّا بِإِذْنِ اللهِ) فيه مَشِيئةٌ مِن وَجْهٍ ، وهو لا خِلافَ في أَنَّ اللهَ تعالَى أَوْجَدَ في الإِنْسانِ قوَّةً فيها إمْكانُ الضَّرَرِ (٤) مِن جِهَةِ من يَظْلِمه فيَضرّه ولم يَجْعَلْه كالحجرِ الذي لا يوجعه الضَّرْبُ ، ولا خِلافَ أَنَّ إيجادَ هذا الإِمْكان مِن هذا الوَجْه يَصحّ أَنْ يقالَ إنَّه بإِذْن ومَشِيئة يَلْحق الضَّرَر مِن جهَةِ الظُّلْم (٥) ، انتَهَى.
قالَ السَّمِينُ في عمدَةِ الحفَّاظ : وهذا الاعْتِذارُ مِن الرَّاغبِ لأَنَّه يَنْحو إلى مذْهَبِ الاعْتِزَالِ.
وأَذِنَ له في الشَّيءِ ، كسَمِعَ إذْناً ، بالكسْرِ ، وأَذِيناً ، كأَميرٍ : أَباحَهُ له وفي المِصْباحِ : الإِذْنُ لغَةُ الإِطْلاقِ في الفِعْلِ ويكون الأَمْرُ إذناً وكَذلِكَ الإِرادَة.
وقالَ الحراليُّ : هو رَفْعُ المنْعِ وإيتاءُ المكنة كوناً وخَلْقاً.
وقالَ ابنُ الكَمالِ : هو فَكُّ الحَجْرِ وإطْلاقُ التَّصرُّف لمَنْ كان مَمْنوعاً شَرْعاً.
وقالَ الرَّاغبُ : هو الإِعْلامُ بإِجازَةِ الشيءِ والرّخْصَة فيه ، نحْو : (إِلّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ) (٦) أَي بإرَادَتِه وأَمْرِه.
قالَ شيْخُنا : وما وَقَعَ للزَّمَخْشرِيّ ، رَحِمَه اللهُ تعالَى ، في الكشافِ مِن تفْسِيرِه بالتَّيْسِيرِ والتَّسْهيلِ فمبْنِيٌّ على أَنَّ أَفْعالَ العِبادِ بقدْرتِهم المُؤَثّرة واللهُ تعالَى ييسّرها.
وحَمَلَه الشهابُ ، رَحِمَه اللهُ تعالَى ، على الاسْتِعارَةِ أو المجازِ المُرْسَلِ.
واسْتَأْذَنَه : طَلَبَ منه الإِذْنَ.
قالَ الجَوْهرِيُّ : ويقالُ ائْذَنْ لي على الأَميرِ ، أَي خُذْ لي منه إذْناً ؛ وقالَ الأَغَرُّ بنُ عبدِ اللهِ :
وإنِّي إذا ضَنَّ الأَمِيرُ بإِذْنِه |
|
على الإِذْنِ من نفْسِي إذا شئتُ قادِرُ (٧) |
__________________
(١) الحج ، الآية ٢٧.
(٢) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : جابه ، الجابه الوارد ، وقيل : هو الذي برد الماء وليست عليه قامة ولا أداة والجوزة السقية من الماء» كذا في اللسان.
(٣) آل عمران ، الآية ١٤٥.
(٤) في المفردات : إمكان الضرب.
(٥) في المفردات : من جهة الظالم.
(٦) النساء ، الآية ٦٤.
(٧) اللسان.