وقالَ الشاعِرُ :
قلتُ لِبَوَّابٍ لَدَيْهِ دارُها |
|
تِئْذَنْ فإنِّي حَمْؤُها وجارُها (١) |
قالَ أَبو جَعْفَر : أَرادَ لِتَأْذَنْ ، وجائِزٌ في الشِّعْر حذفُ اللام وكسْرُ التَّاءِ على لُغَةِ مَنْ يقولُ أَنْتَ تِعْلَم ؛ وقُرِىءَ : فلذَلِكَ فَلْتِفْرَحوا (٢).
وأَذِنَ إليه وله ، كفَرِحَ ، أَذَناً : اسْتَمَعَ إليه مُعْجِباً ؛ وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي لعَمْرو بنِ الأَهْيَم :
فلَمَّا أَنْ تَسايَرْنا قَليلاً |
|
أَذِنَّ إلى الحديثِ فهُنَّ صُورُ |
وقالَ عَدِيُّ :
في سَماعٍ يَأْذَنُ الشَّيخُ له |
|
وحديثٍ مثْل ماذِيِّ مُشَار (٣) |
وشاهِدُ المَصْدرِ قَوْل عَدِيِّ :
أَيُّها القَلْبُ تَعَلَّلْ بدَدَنْ |
|
إنَّ هَمِّي في سَماعٍ وأَذَنْ (٣) |
أَو هو عامٌّ سَواء بإعْجابٍ أَو لا ، وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ لقَعْنَب بن أُمِّ صاحِبٍ :
إن يَسْمَعُوا رِيبةً طارُوا بها فَرَحاً |
|
مِنِّي وما سَمِعوا من صالِحٍ دَفَنُوا |
صُمٌّ إذا سَمِعوا خَيْراً ذُكِرْتُ به |
|
وإن ذُكِرْتُ بشَرٍّ عنْدَهم أَذِنوا (٤) |
وفي الحَدِيْثِ : «ما أَذِنَ اللهُ لشيءٍ كأَذَنِه لِنَبيِّ يَتَغَنَّى بالقُرْآنِ».
قالَ أَبو عُبَيدٍ : يعْني ما اسْتَمَعَ اللهُ لشيءٍ كاسْتِماعِه لمَنْ يَتْلوه يَجْهَرُ به. وقوْلُه ، عزوجل : (وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) (٥) ، أَي اسْتَمَعَتْ.
وأَذِنَ لِرائحةِ الطَّعامِ : إذا اشْتَهاه ومالَ إليه ؛ عن ابنِ شُمَيْل. وآذَنَهُ الشيءُ إيْذاناً : أَعْجَبَهُ فاسْتَمَعَ ؛ أَنْشَدَ ابنُ الأَعْرابيِّ :
فلا وأَبيكَ خَيْر منْكَ إنِّي |
|
لَيُؤْذِنُني التَّحَمْحُمُ والصَّهيلُ |
وآذَنَه إيذاناً : مَنَعَهُ ورَدَّهُ.
والأُذُنُ ، بالضَّمِّ وبضمتينِ يُخَفَّفُ ويُثَقَّلُ ، م مِن الحَواسِّ ، مُؤَنَّثَةٌ ، كالأَذِينِ ، كأَميرٍ ، والذي حَكَاه سِيْبَوَيْه أُذْن ، بالضمِّ ، ج آذانٌ ، لا يُكسَّرُ على غيرِ ذلِكَ.
ومِن المجازِ : الأُذُنُ : المَقْبِضُ والعُرْوَةُ مِن كلِّ شيءٍ ، كأُذُنِ الكُوزِ والدَّلْوِ ، على التَّشْبِيهِ ، وكلٌّ مُؤَنَّثٌ.
وقالَ أَبو زيادٍ : أُذُنٌ ، بضمَّتَيْن : جَبَلٌ لبَني أَبي بَكرِ ابنِ كِلابٍ ، وإيَّاهُ أَرادَ جَهْمُ بنُ سبل بقوْلِه فسكَّنَ :
فأَنّى لأُذْنٍ والسَّتارَيْن بعد ما |
|
عنيت لأُذْن والستارين قاليا (٦) |
ومِن المجازِ : الأُذْنُ : الرَّجُلُ المُسْتَمِعُ القابِلُ لما يقالُ له ، وصَفُوا به للواحِدِ والجَمْعِ.
قالَ أَبو زيْدٍ : رجُلٌ أُذُنٌ ورِجالٌ أُذُنٌ إذا كانَ يَسْمَعُ مَقالَةَ كلّ أَحَدٍ.
قالَ ابنُ بَرِّي : ويقُولونَ : رجُلٌ أُذُنٌ وامرأَةٌ أُذُنٌ ، ولا يُثَنَّى ولا يُجْمَع ، قالَ : وإنَّما سمَّوه باسْمِ العُضْو تَهْويلاً وتَشْنِيعاً.
وجاءَ في تفْسِيرِ قَوْله ، عزوجل : (هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) (٧) ، أَنَّ مِنَ المُنافِقينَ مَنْ كَانَ يَعيبُ النبيَّ صَلّى الله عليه وسلّم ، ويقولونَ : إن بَلَغَه عنِّي شيء حَلَفْت له وقَبِلَه منِّي لأنَّه أُذُنٌ ، فأَعْلَمَه اللهُ تعالَى أَنَّه أُذُنُ خيرٍ لا أُذُنُ شَرٍّ ، أَي مُسْتَمِعُ خيرٍ لكُم.
__________________
(١) اللسان والصحاح وفيهما : «تيذن».
(٢) يونس ، الآية ٥٨ وفي الآية : (فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا).
(٣) اللسان والمقاييس ١ / ٧٦.
(٤) اللسان والصحاح والتكملة.
(٥) الانشقاق ، الآية ٢ ، والانشقاق ، الآية ٥.
(٦) معجم البلدان وفيه غنيت ، وبهامشه : لعلها : غدوتُ.
(٧) التوبة ، الآية ٦١.