يزلْ يُقَرِّظُ أَحْيَاكم ويُؤَبِّنُ مَوْتَاكُم ؛ قالَ رُؤْبَة :
فامْدَحْ بِلالاً غير ما مُؤَبَّنِ |
|
ترَاهُ كالبازِي انْتَمَى للْمَوْكِنِ (١) |
يقولُ : غَيْر هالكٍ أَي غَيْر مَبْكِيِّ ؛ ومنه قَوْلُ لَبيدٍ ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنه :
قُوما تَجُوبانِ مَعَ الأَنْواحِ |
|
وأَبِّنَا ملاعِبَ الرِّماحِ |
ومِدْرهَ الكَتبيةِ الرَّداحِ (٢)
وقالَ ابنُ الأَعْرابيِّ : غَيْرُ مُؤَبَّنٍ أَي غيرُ مَعِيبٍ.
والتَّأْبِينُ : اقتِفاءُ أَثَرِ الشَّيءِ ، كما في الصِّحاحِ عن الأَصْمَعيّ ، ومنه قيلَ لمادِحِ المَيِّتِ : مُؤَبِّنٌ لاتِّباعِه آثارُ فِعَالِه وصَنائِعِه. كالتَّابُّنِ.
والتَّأْبينْ : تَرَقُّبُ الشَّيءِ.
وفي الصِّحاحِ : قالَ أَبو زيْدٍ : أَبَنْتُ الشيءَ : رَقَبْتُه ؛ قالَ أَوْسٌ يَصِفُ الحِمارَ :
يقولُ له الراؤُونَ هذاكَ راكِبٌ |
|
يُؤَبِّنُ شَخْصاً فوقَ عَلياءَ واقِفُ (٣) |
وحَكَى ابنُ بَرِّي قالَ : رَوَى ابنُ الأَعْرابيِّ يُؤَبِّر ، قالَ : ومعْناهُ يَنْظُرُ شخصاً ليَسْتَبينَه. ويقالُ : إنَّه ليُؤَبِّرُ أَثراً إذا اقتَصَّه.
والأَبِنُ ، ككَتِفِ : الغَليظُ الثَّخينُ من طعامٍ أَو شَرابٍ ، عن ابنِ الأَعْرابيِّ.
وإِبَّانُ الشَّيءِ ، بالكسْرِ وتَشْديدِ الموحَّدَةِ : حِينُه ووَقْتُه.
يقالُ : كُلِ الفَواكِه في إبّانِها ، كما في الصِّحاحِ ؛ قالَ الراجزُ :
أَيَّان تقْضي حاجَتي أَيَّانا |
|
أَما تَرى لِنُجْحها إِبَّانا (٤) |
أَو إِبَّانُه : أَوَّلُه ، وبه فُسِّر قوْلُهم : أَخَذَ الشيءَ بإِبَّانِه ، والنُّونُ أَصْليَّة فيكونُ فِعَّالاً ، وقيلَ : زائِدَةٌ ، وهو فِعْلانُ مِن أَبَّ الشيءُ إذا تَهَيَّأَ للذَّهابِ. وذَكَرَ النقارسيُّ في شرْحِ المنفرجة الوَجْهَيْنِ.
والآبِنُ من الطَّعَامِ : اليابِسُ ، هو بمدِّ الأَلِفِ.
وأَبَنَ الدَّمُ في الجُرْحِ يَأْبَن أَبناً : اسْوَدَّ.
وأَبانٌ ، كسَحَابٍ : مَصْروفةَ (٥) : اسْمُ رجُلٍ ، وهو فعالٌ ، والهَمْزَةُ أَصْليَّة ، كما جَرَى عليه المصنِّفُ وحَقَّقه الدَّمامِيني وابنُ مالِكٍ ، وجَزَمَ به ابنُ شبيبٍ الحرانيُّ في جامِعِ الفنونِ وأَكْثَر النُّحّاة والمُحدِّثِيْن على مَنْعِه مِن الصَّرْفِ للعِلْميَّة والوَزْن ، وبحثَ المُحقِّقون في الوَزْن لأَنَّه إذا كان ماضِياً فلا يَكونُ خاصّاً أَو اسْم تَفْضِيل ، فالقِياسُ في مِثْلِه أبين.
وقالَ بعضُ أَئِمَّة اللُّغَةِ : من لم يَعْرِف صَرْف أَبان فهو أَتانٌ ، نَقَلَه الشهابُ ، رَحِمَه اللهُ ، في شَرْحِ الشفاءِ.
وأبانُ بنُ عَمْرِو ، وأَبانُ بنُ سعيدٍ صَحابِيَّانِ.
وأبانُ بنُ إسْحاق الكُوفيُّ ، وابنُ صالِحٍ أَبو بَكْر ، وابنُ صَمْعَةَ البَصْريُّ ، وابنُ طارِقٍ ، وابنُ عُثْمان بنِ عَفَّان ، وابنُ أَبي عَبَّاس (٦) العَبْديّ ، وابنُ زيْدٍ (٧) العطَّار ، مُحَدِّثونَ.
__________________
(١) اللسان والأول في الصحاح والتهذيب.
(٢) الرجز في ديوانه ص ٤١ قاله في عمه أبي براء مالك بن عامر للاعب الأسنة ، وهي من أراجيز النواح ، واللسان ، والصحاح ما عدا الأول.
(٣) ديوانه ط بيروت ص ٦٩ واللسان والمقاييس ١ / ٤٤ والصحاح.
(٤) اللسان.
(٥) على هامش القاموس : قبل : من لم يصرف أبان ، فهو أتان ا ه شهاب على الشفا. قال : وسبب الخلاف أن منهم من قال : وزنه فعال ، فتعين صرفه. وقيل : إنه منقول من ماضي أبان يبين وبه جزم ابن مالك ، وصاحب التوضيح. وقال القرافي : اتفق المحدثون والنحاة على منع صرفه ، ونقله ابن يعيش عن الجمهور بناء على أن وزنه أفعل ، بمعنى أوضح فاعل ، على خلاف القياس ، وبقي على أصله واندفع قول الدماميني : لو كان كذلك ، لوجب تصحيحه ، لأن أفعل الأجوف الوصفي لا يعل ، والصحيح صرفه كما في جامع اللغة ، وبه جزم ابن السيد ، ا ه.
(٦) في ميزان الاعتدال : «ابن أبي عياش».
(٧) في ميزان الاعتدال والكاشف : «يزيد».