وقد جرت عادة الأمم والدول في زماننا هذا على الحتفاظ ببيوت عظمائها وقبورها واحاطتها بهالة من التقديس والتعظيم حتى ولو عرض للبيع اي شيء ينتسب للعظماء لبذل اتباعه في سبيله اغلى الاثمان ، وما ذاك الا لشرف الانتساب اليه.
وحدث المؤرخون انه حين أدخل رأس الحسين عليهالسلام على يزيد بن معاوية كان في مجالس الشراب فوضعوا الرأس بين يديه ، فدخل عليه رسول ملك الروم في ذلك الوقت فأنكر عليه أشد الانكار حينما علم ان الرأس للحسين ابن بنت نبيهم ، وقال ليزيد : هل سمعت يا يزيد بكنية الحافر؟ قال : وما هي؟ قال : عندنا مكان يقال بأن الحمار الذي كان يركبه عيسى بن مريم مر به فبنينا كنيسة في ذلك المكان سميناها كنيسة الحافر نسبة إلى حافر حمار عيسى ، ونحن نحج الى المكان في كل عام ومن كل قطر وناحية وننذر له النذور ونعظمه كما تعظمون كتبكم ومقدساتكم وأنتم تقتلون ابن نبيكم وتطوفون برأسه في البلدان ، فأشار عليه جلاوزته بقتله لئلا يفضحه بعد رجوعه لبلاده فقتله وصلبه على باب قصره بعد ان قام النصراني الى الرأس فقبله وتشهد الشاهدين.
وهذا شيء مألوف لدى جميع الأمم على اختلاف اديانهم ومعتقداتهم والكل حينما يعظمون مرقدا او اثرا من آثار عظمائهم انما يعظمونه باعتباره رمزا لما كان يتمتع به من صفات ومواهب وما قدمه لأمته ووطنه من خدمات وتضحيات واصلاحات.
وقال العقاد في كتابه ( ابو الشهداء ) : ان حرم الحسين عليهالسلام في كربلاء يزوره المسلمون للعبرة والذكرى ، ويزوره غيرهم للنظر والمشاهدة ، ولكن كربلاء لو أعطيت حقها من التنويه والتخليد لحق لها ان تصبح مزارا لكل آدمي يعرف لبني نوعه نصيباً من القداسة وحظا من الفضيلة ، لأننا لا نذكر بقعة من بقاع هذه الارض يقترن اسمها بجملة