وعادت قريش بعد جميع تلك المراحل التي مرت بها معه تخطط من جديد للقضاء على رسالته لاسيما بعد ان أحست بأن يثرب ستكون من اعظم معاقلها وستنطلق منها إلى جميع انحاء الحجاز وإلى العالم بأسره ، فاجتمع قادتها في مكان يعرف بدار الندوة وراحوا يتبادلون الآراء للتخلص منه فاقترح بعضهم ان يضعوه في احدى البيوت مكبلاً بالحديد بعيداً عن أعين الناس ومجالسهم إلى أن يأتيه الموت ، كما اقترح آخرون ان يطرد من مكة حتى لا يتحملوا مسؤولية قتله ، واتفقوا اخيراً على ان يباشروا قتله على ان تشترك فيه جميع القبائل المكية ويتولى ذلك من كل قبيلة فتى من أشد فتيانها واتفقوا على الزمان والمكان الذي يتم فيه التنفيذ وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في الآية :
واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ، والذي تعنيه الآية ان الله قد فوت عليهم هذا التخطيط وأخبر رسوله بما كان من أمرهم ، وأمره بالخروج من مكة ليلاً وأن يأمر عليا في المبيت على فراشه قبيل خروجه.
وحينما عرض الأمر على علي عليهالسلام لم يتردد لحظة واحدة في التضحية بنفسه في سبيله وقال له : أو تسلم انت يا رسول الله ان فديتك بنفسي ، فرد عليه النبي صلىاللهعليهوآله بقوله : بذلك وعدني ربي ، فطابت نفسه عند ذلك وتبدد ما كان يساوره من خوف وقلق على النبي ، وتقدم إلى فراشه مطمئن النفس رابط الجأش ثابت الفؤاد واتشح ببيرد الحضرمي الذي اعتاد ان يتشح به في نومه.
وتمت الهجرة في جوف الليل من مكة إلى الغار ومنها إلى يثرب في السادس من ربيع الأول ، واعتمد المسلمون تلك الهجرة في تواريخهم منذ عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب على أثر خصومة بين اثنين في دين يدعي احدهما استحقاقه في شهر شعبان بموجب سند بيده ، وسأل