الخليفة الدائن أي شعبان هذا أشعبان هذه السنة أو التي بعدها؟ ولما لم يطمئن لأحد منهما جمع المسلمين في المسجد ليعتمد لهم تاريخاً ، والمسلمون يوم ذاك لم يكن لهم تاريخ خاص ، فكان بعضهم يؤرخ بعام الفيل وبعضهم بحرب الفجار وأكثرهم كانوا يعتمدون تواريخ الدول المجاورة لشبه الجزيرة العربية ، واختلفت آراء الصحابة في الزمان الذين يعتمدونه في تواريخهم وكادوا ان يتفرقوا بدون ان ينتهوا إلى نتيجة حاسمة لولا ان علياً أقبل عليهم بالمعهود من رأيه السديد وقال : نؤرخ بهجرة الرسول من مكة إلى المدينة فأعجب ابن الخطاب برأيه وهتف قائلا : لا ابقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن ، واقترن رأيه هذا بأعجاب الحضور وتقديرهم لان هجرة الرسول كانت المنطلق لانتصار الإسلام على الشرك والوثنية وحدثا تاريخياً لعله من ابرز الاحداث في تاريخ الدعوة ، واستمر المسلمون على ذلك في تواريخهم ولم يحدث التاريخ عنهم بأنهم اعتبروا شهر المحرم بداية لسنتهم الهجرية ، ولعل ذلك لم يحدث إلا بعد مقتل الحسين وبعد ان اصبحت الأيام الأولى من شهر المحرم أيام حزن عند أهل البيت وشيعتهم فجعلها الأمويون بداية للسنة الهجرية وعيداً من أعيادهم ، ولا يزال المسلمون عند مواقفهم من تلك الايام الأولى من ذلك الشهر ، فالشيعة يحتفلون بذكرى الحسين عليهالسلام ويرددون تلك المأساة في مجالسهم ومجتمعاتهم بما تحمله وتنطوي عليه من الإخلاص للعقيدة والمبدأ والتضحيات الجسام في سبيل الحق والمستضعفين وكرامة الإنسان ، وغيرهم من مسلمي السنة يحتفلون به كبقية الأعياد ويتباهون بمظاهر الفرح والزينة وأنواع الأطعمة.
ومهما يكن فلقد كانت الهجرة من مكة إلى المدينة في السادس من ربيع الأول بعد مرور ثلاثة عشر عاماً على ولادة الإسلام ، وفي اليوم الثاني عشر منه كان النبي في المدينة بين أنصاره الجدد الذين احتضنوه