وهذا التعريف ـ في كثير من ابعاده ـ تعريب تقليدي لتعريف « وليم فان » السابق ، وشرح له ، وكشف لدوافعه ، وإن أعوزته جودة التركيب وقوة الصياغة ، ولكنه يشير من طرف خفي إلى البعد الرمزي في الصورة بكونها تعبيراً يوحي بأكثر من الظاهر ، والكاتبة هنا تلاحظ في الجانب الإيحائي قوة تفوق الإيقاع والنغم وصنوف المحسنات البيانية ، ولكنها قد تعارض هذا الرأي الذي نقلته في خطوطه العامة دون إدراك لهذه المعارضة ، فهي تعتبر الصورة تتخطى حدود الاستعارة والمجاز والتشبيه ، وتتعدى الخيال والعاطفة فقد تنشأ عن أصل واقعي بعيد عن الخيال من جهة ، وضروب البيان من جهة أخرى ، وهما الجانب الإيحائي في الصورة والذي أكدته في الرأي نفسه ، ثم تعود للتعبير عنه بقولها :
« الصورة الشعرية لا تنحصر في التشابيه والاستعارات وسواها من ضروب المجاز ، ولكنها كل صورة توحي بأكثر من معناها الظاهر ، ولو جاءت منقولة عن الواقع » (١) متناسية أن الإيحاء بأكثر من المعنى الظاهر لا يتم إلا باللحن ، أو الرمز ، أو التعريض ، أو الكناية ، أو التشبيه أو الاستعارة ، وكلها من ضروب المجاز بمعناه العام.
ويرى الدكتور مصطفى ناصف أن الصورة تستعمل عادة : « للدلالة على كل ما له صلة بالتعبير الحسي ، وتطلق أحياناً ، مرادفة للاستعمال الاستعاري » (٢).
فالصورة عنده ما استدل بها على التعبير الشاخص الذي يوصلنا إلى إدراك حقيقة الشيء من جهة ، وعلى دلالة الكلمة الاستعارية من جهة أخرى ، فالشق الأول من كلامه يعني بإيحاء الصورة ، والثاني يعني بشكلها الخارجي في الدلالات المجازية.
ثم يأتي بعد هذا فيحدد الصورة بأنها :
« منهج ـ فوق المنطق ـ لبيان حقيقة الأشياء » (٣) وهذا التحديد لمفهوم
__________________
(١) المصدر نفسه : ٢٠٣.
(٢) مصطفى ناصف ، الصورة الأدبية : ٣.
(٣) المصدر نفسه : ٨.